إن تراث الأمة المخطوط جزء أصيل من كيانها ووجودها يعكس تطورها الحضاري وتقدمها في الآداب والعلوم، ويعبر عن أصالتها وعراقتها،ويشكل ثروة نفيسة،فهو تراث ضخم جدير بأن نقف أمامه وقفة تأمل واعتزاز وشعور صادق بالغبطة، فهو يعكس مجد الأمم وعزها وهو يمثل تاريخها وفكرها وعلمها وحياتها. وتراثنا العربي والإسلامي من المخطوطات يشكل جزءا مهما من تراث الأمة العربية الإسلامية وحضارتها أبرز الحضارات الإنسانية وأشملها في العلم والمعرفة،ولهذا أهتم العلماء العرب والمسلمين بعلم المخطوطات الذي أولاه الخلف عن السلف عناية كبرى فدرسوه وصنفوه وحققوا نصوصه وأكملوا نقصه وأزالوا زيادته ونسبوا كل مخطوط لمؤلفه إيمانا منهم بوجوب نشر العلم والمحافظة عليه وعدم دثره أو اهماله رغم الصعوبات التي تعتري من يطرق هذا الباب لما يحتاج إليه من الجهد والصبر والعناية. يقول الجاحظ: ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام. لهذا لا جرم أن المخطوطات وعاء للفنون التراثية الأصلية كونها تمثل ذاكرة الأمم التي حازت قصب السبق وسعة الذراع ونالت الإمامة العظمى عند القدماء. ذلك أن شرف العلم من شرف المعلوم وحصول الأنس بالتراث العربي الإسلامي من منظور التحقيق والتدقيق موجب لإعمال الفكر.
إن صيانة الزاد التراثي الذي تركه الأجداد يضمن لنا الاسهام الحضاري في معركة المستقبل التي التي تتخذ طابعا ثقافيا وحضاريا واضح المعالم.