يقدم الأستاذ الدكتور خير الدين خوجة الكوسوفي في كتابه "القيادة الناجحة" تاصيلا لعلم القيادة الحديثة من منظور الآيات القرآنيَّة والدِّراسات المعاصرة، وذلك عبر منهجٍ وصفيٍّ تحليليٍّ نقديٍّ مقارَن.
وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 380 صفحة من القطع الكبير، ويبيّن المؤلف فيه أنَّ القرآن الكريم قد قدَّم علم القيادة الحديثة وموضوعاتها وأنماطها وأساليبها في مختلف سوره وآياته، بأسلوب عملي ألقى فيه الضوء على أصناف متعددة من الشخصيات؛ من أنبياء ورسل وملوك، وأناس آخرين مع أقوامهم في عصور وبلدان متعدِّدة.
وأكَّد المؤلف في مقدمة كتابه أن "الدراسات الحديثة في أساليب القيادة؛ كسمات القائد وخصائصه –عند التدقيق والتحقيق– لم تأت بأشياء أكثر مما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة".
وأشار إلى أن تلك الدراسات "ركزت على الشعور بأهمية الرسالة التي يتحرك القائد من أجلها، والثقة بالقدرة على العمل وعلى الذهنية الفذة، والشخصية القوية، والإخلاص، والنضج الواعي، والقدرة على العمل، والقدرة الإدارية، والطاقة والنشاط، والحزم والتضحية، ومهارات الاتصال والتخاطب، إلى غير ذلك من المسائل المتعلقة بالقيادة"، لكنها -بحسب وصفه- نكصت عن تقديم منهجٍ أو مبادئَ تمسُّ القيادة النّموذجيَّة، أو القائد المثاليّ، أو القائد القدوة، أو القائد الأمميّ أو العالميّ، وواجباته الدِّينيَّة والاجتماعيَّة والسياسيَّة تجاه النَّاس.
وحظي الكتاب بمجموعة من التقاريظ لأساتذة في تخصصات متعددة، أشادت بمنهجية الكتاب وشمول موضوعه، وقيمته العلمية التي سدت ثغرة مهمة في المكتبة العربية.. وجاء في تقريظ الدكتور مصلح ورباني الكوسوفي أن "المؤلف الفاضل بقدر ما اعتمد على منهجية علمية وأكاديمية دقيقة ورصينة لمناقشة وتحليل موضوعات القيادة والقائد، لم يألُ جهداً في بسط وتسهيل استيعاب موضوعات الكتاب من خلال الأشكال التوضيحية الكثيرة، مما أعطى للكتاب ميزة فريدة. لقد ناقش المؤلف في فصول الكتاب مصطلحات ونظريات القيادة مع مقارنتها بالمفاهيم القرآنية المبنية على القيادة الرشيدة والخلافة الناجحة من خلال طاعة أولي الأمر".
واتسم الكتاب بسلاسة المادة، ودمج النص بالصورة والشَّكل لتسهيل وصول المعلومة إلى القارئ.. وتجلت شمولية الكتاب وثراء مادته عبر تسلسل فصوله وإحاطتها بجوانب الموضوع؛ إذ بدأ بذكر تعريفات القيادة وسياقاتها ودلالاتها القرآنية. ثم قدم القيادة بمفهومها القرآني عبر نماذج ناجحة وفاشلة من القادة التاريخيين، عبر تحليلات عميقة للأسباب التي جعلتهم يستحقون وصف النجاح أو الفشل، وذلك بحسب المقاييس القرآنية التي لا تجامل أحدا في هذا الشأن..
ثم تطرق إلى الإطار النظري للقيادة الحديثة مع بيان مداخلها النظرية وعناصرها ومستوياتها وصفات القائد الناجح والسمات الشخصية والأنماط القيادية، وختم بذكر بعض النماذج القيادية الناجحة المعاصرة والقديمة.
وأشار الأستاذ الدكتور ناصر رمضاني في تقريظه إلى أن "هذا الكتاب قيم جداً ولا يُستغنى عنه في مجال السياسة والتعليم والاقتصاد والميدان العسكري".
ورأى أنه يخدم "بالدرجة الأولى جميع المدراء أو الرؤساء في المؤسسات الأكاديمية الحكومية منها أوالخاصة (الكليات والجامعات )، ومدراء المدراس الثانوية والمؤسسات الدينية والإدارية".
ووصف المؤلف الرؤية المستمدة من القرآن والسنة النبوية بأنها: "لا تفرق بين ما هو ديني ودنيوي، وما هو شخصي واجتماعي، وما هو روحي ومادي. فجميع هذه الأعمال والتصرفات التي يقوم بها المسلم أيًا كان منصبه؛ تُعدُّ من طبيعة هذا الدين ومقتضياته".
ونوه إلى أن ميزان الحكم على سيرة القائد إخلاصه العمل لله تعالى، وموافقة عمله للشريعة الإسلامية موافقة يشهد لها الكتاب والسنة. وبين أن الحركة في هذا الإطار "تجلب له السعادة والعزة والكرامة الإنسانية والنجاح، وتمكنه من عمارة هذه الأرض ووراثة هذه الدنيا التي من خلالها يعبر إلى الآخرة".
ومن الجدير ذكره أن الأستاذ الدكتور خير الدين خوجة الكوسوفي هو أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم والثقافة الإسلامية، ويعمل مستشارا أكاديميا في وزارة الدفاع القطرية، وهو أستاذ سابق بكلية الشريعة بجامعة قطر، وكلية المجتمع بقطر، وكلية المجتمع بجامعة طيبة بالمدينة المنورة، وكلية أصول الدين بجامعة السلطان الشريف علي الإسلامية بسلطنة بروناي، وكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا.