منذ فترة أتابع الموسيقار الأردني الشاب رعد الزبن ، السرّ الإبداعي لديه يكمن في إعادته لدراسة وتسجيل التراث الأردني من الموسيقى والأغاني ، ما الذي يجعل هذا البدوي ابن قبيلة بني صخر أن يهتم في إعادة تسجيل أغاني الجدات والأمهات ، ويحمله مشروعا نحو العالمية ، ويتدارسه مع طلابه في المعهد الوطني للموسيقى.
في تقديمه لسمفونيته " من حركة واحدة، البيان رقم ١٢" والتي أنجزها بمناسبة ذكرى معركة الكرامة يقول الزبن : "كانت أياديهم السلاح، وصيحاتهم الذخيرة، ففاضت أرواحهم مسكًا وكرامةً، على حدود وطنٍ مسيّج بالدّفلى والعسكر وزغاريد النشميّات…"
لا أبيح سرّا أننّي مهتم بالأغنية الأردنية وقد جلست قبل أيام مع الصديقة الإعلامية رنا حداد وقلت لها أن الأغنية الأردنية كانت قصة وحكاية أردنية ، منبعها الإهزوجة التي تُغنى في الأعراس والأتراح، وكانت بيانا سياسيا للدولة الأردنية في الستينيات والسبعينيات .
يقول المايسترو رعد الزبن : أن سرّ تعلقنا بالتراث هو صوت جداتنا وأمهاتنا ، وأن الصوت التراثي الأردني النسوي ذاهب للإفول . لذا ذهب نحو إعادة تسجيل تلك الأغنيات والإهزوجات.
ونعلم أن القرى الأردنية شمالا نحو حوران وجنوبا نحو الحداء والسامر والهجيني في البادية ، ما زالت تزخر بملامح الهوية الأردنية المتمثلة بالأغنية والقصيدة والزيّ والقهوة والفروسية ،وهذا ما إتكئ عليه حبيب الزيودي في كلماته للأغاني الوطنية، وهي المفردة الشعبية التي لها وقعها في عقول الناس، وعندما تمرّ بلادنا بأي منعطف يرتد عقل الدولة بأجهزته الإعلامية نحو الملامح الحقيقية للناس ، وربما تشكّل فرح سمو الأميرة إيمان ولاحقا عرس سمو ولي العهد الحسين حالة من " الفرح" الأردني الذي يعبّر عن حالة البلاد وهويتها الواضحة والأصيلة ، وشاهدنا ترفة العبيدات ونساء حرثا وهنّ يغنين بالتراويد والزغاريد وهنّ يستقبلن الحسين ، لابسات الثوب المطرز بقطبته الزاهية ، ويعتمرن الشماغ المهدب ، في لوحة ينتشي فيها الأردني ببلاده وملامحها .
شكرا رعد الزبن على ما تقوم به من جهد إبداعي في وقت يتخلّى فيه الكثير عن أصوله وهويته مجاملة للعصرية والعولمة الجديدة.