في محاولة يائسة لاستعادة هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي إقليمياً، وترجمةً لأجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف، نفّذ جيشُ الاحتلال الإسرائيلي هجوماً غاشماً على نابلس وجنين شمال الضفة الغربية المحتلة، في حين تصدت له المقاومة بكل مكوناتها باقتدار في تزامن مع اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى الأسير.
حيث استشهد ستة فلسطينيين وأصيب آخرون في اقتحام أعداد كبيرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي -معززة بقوات خاصة- مدينة جنين ومخيمها باستخدام الطائرات العمودية والمسيرة في سابقة غير مشهودة على المدى القريب، وسط اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية الموحدة، في تزامن محبوك مع اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس واعتقال عدد من الفلسطينيين.
وضمت قافلة الشهداء الذين ارتقوا كلاً من:
محمد وائل غزاوي (26 عاما) وطارق زياد مصطفى ناطور (27 عاما) وزياد أمين الزرعيني (29 عاما) وعبد الفتاح حسين خروشة (49 عاما) ومعتصم ناصر صباغ (22 عاما) ومحمد أحمد سليم خلوف (22 عاما).
ووفق كل التقديرات فإن العدوان كان شاملاً حيث شهدت الضفة الغربية الاثنين الماضي لأول مرة منذ عشرين عاماً لجوء قوات الاحتلال إلى سلاح الجو (مروحيات ومسيّرات) في اقتحامها لمخيم جنين؛ وهذا يُعَدُّ اختباراً نجحت فيه المقاومة بالتصدي للهجوم الإسرائيلي باقتدار وإرادة لا تلين.
وفي بيان لها قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن المقاومة الفلسطينية في جنين (شمال الضفة الغربية) "قدمت جواباً واضحاً على تهديدات العدو المستمرة للضفة"، وذلك بعدما سحب جيش الاحتلال قواته بعد العملية التي نفذّها الاثنين الماضي وأصيب من جرائها ثمانية جنود إسرائيليين وأُعْطِبَ عددُ من آلياته(خلافاً للرواية الإسرائيلية الرسمية التي أقرت بقتيلين من قوات الوحدات الخاصة).
بدورها، قالت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس (الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي) إن عناصرها اشتبكوا مع قوات خاصة للاحتلال تم اكتشافها في منطقة الجابريات في المخيم.
ونشرت كتيبة جنين مقطع فيديو لما قالت إنه لحظة تفجير عبوة ناسفة بآلية عسكرية إسرائيلية أثناء اقتحام المخيم، وقالت الكتيبة إن العبوة من نوع "التامر" أعطبت المركبة وقتلت وأصابت من بداخلها.
ويأتي هذان الاقتحامان بعد ساعات من اقتحام مجموعات من رعاع المستوطنين باحات المسجد الأقصى صباح أمس الثلاثاء تحت حماية جنود الاحتلال، وذلك تلبية لدعوات جماعات الهيكل المتطرفة اليمينية.
وأوضح شهود عيان أن المستوطنين أدّوا طقوساً تلمودية بالمنطقة الشرقية من الأقصى، وتلقوا شروحاً عن "الهيكل" المزعوم، بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال وبتحدٍ سافر للفلسطينيين.
وتقدم عضو الكنيست السابق المتطرف يهودا غليك مجموعة المستوطنين خلال اقتحامهم باحات الأقصى المبارك، في حين عززت قوات الاحتلال انتشارها العسكري في محيط المسجد وأزقة البلدة القديمة.
أحداث الضفة الغربية الأخيرة ينبغي قراءتها من خلال رسائل متبادلة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الموحدة المتمددة.. ما يؤكد بأن الهجوم الإسرائيلي على جنين ونابلس والأقصى كان قد خطط له وفق رؤية حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الرامية إلى كسر شكيمة المقاومة الفلسطينية الموحدة واستعادة سمعة جيش الاحتلال المهدورة محلياً وإقليمياً.
فهي من ناحية تمثل رسالة إسرائيلية إلى الفلسطينيين في أن المشروع الصهيوني التطهيري ماضٍ باتجاه إقامة الهيكل المزعوم في الحرم المقدسي.؛ ولكن صمود المقاومة في جنين قلب الطاولة على المقامرين الذين أُفْلِسَتْ إرادتُهُم أمام صمودها.. فكانت رسالة المقاومة أقوى من الأضاليل الصهيونية وفحواها بأن إرادة التحرير متنامية، وقوة المقاومة الموحدة في جنين ونابلس تتعاظم؛ لا بل وتؤثر على مدن الضفة الأخرى وأن ميدانها العسكري يتمدد من عمق غزة وصولاً إلى قلب الضفة الغربية.. وهذا بدورة يثير قلقل الإسرائيليين الوجودي ويبعث فيهم رهاب الخوف من المجهول.