انتهى العيد على خير وسلام.. لو جمعت الآن أكثر من نصف الشعب الأردني البالغين العاقلين الراشدين منه؛ وصففته في طابور؛ وقلتَ له: طلِّعْ جيوبك لبرّة، لوجدتها كاشخة خاوية على بناطيلها وبلوزاتها وقمصانها؛ بل لرأيتها تشكو الوحدة والفراغ..!
العيد في أوطاننا: نزيف مصاري؛ نزيف كعك؛ نزيف بوس ومَطق؛ بل نزيف نزيفٍ لا يتوقّف.
العيد كلفة اقتصادية.. ففي الوضع الطبيعي بالكاد تكفي مصاريك لتسليك يومك؛ فأنت تعيش يومًا بيوم بل ساعة بساعة بل ثانية بثانية. فكيف إذا هبطت عليك تقادير الأيام وأدخلتك في حشوها؟ كيف إذا جرّتك أيّامك وأخرجتك عن سكّة الاعتيادي وطلبت منك أن تدفع تكاليف رمضان وعيده وما أن تجلس لتتنفّس قليلًا حتّى يحاصرك العيد الكبير بحجارته وسيوفه وقنواته (جمع قنوة) وينزل فيك تهبيشًا وتلطيشًا ترفيشًا.. وما أن تخرج منه مثخنًا بجراحك وديونك وإنكساراتك حتى تفتح الجامعات والمدارس أبوابها وستفتح معها أفواه بأنياب كي تنشب فيك في مواضع متبقية لم يصبها عاصف ما قبلها..!
يقولون الأيام دول.. هو ذاك لا شك.. لكنها في هذا العصر اللاهث وفي أوطاننا الممدة على طريق الحضارات وفي طريقة تفكيرنا الفوضوية؛ الأيّام ليست دولًا بل انقلابات دموية كل انقلاب يطيح بك ويرميك إلى سحيق ومن سحيق إلى الأسحق منه..!
لستُ متشائمًا .. بل أحاول أن أصف الواقع.. وليس ذنبي أن الواقع واقع ومع وقوعه لا يقع إلّا كاشفًا عن نواياه السيئة تجاهنا لأننا أطمعناه ودللناه ولم نقم لنغيّره غصبًا عن الذين خلّفوه..!