ربما ينتظر بعض ممن يطلقون علي أنفسهم من رجال وسيدات الصفوة في مجتمعنا ،حدوث او سماع نبأ وفاة شخصية ما من مشاهير هذا البلد ،او وفاة قريب لهؤلاء المشاهير أو شقيقهم أو والدهم أو أحد أفراد عائلة المشاهير ،حتي يسارعون الي بروباجاندا العزاءات الاعلامية لكي يظهرون علي الشاشات وبرامج الفضائيات لكي يتحدثون بآلم شديد متصنع بالطبع ويملؤه الدموع ،عن حياة الفقيد وأعماله وبصماته وتأثير وفاته علي البشرية ،او من قبيل ترضية شقيقه أو ابن الفقيد الشهير في برامج التليفزيون والفضائيات حتي يكسب شعبية كاذبة من وراء ظهوره في العزاءات المختلفة التي غالبا ما تقام في المساجد الكبري امثال عمر مكرم والحادية الشاذلية والرحمن الرحيم ومسجد الشرطة ومساجد آل البيت كالسيدة نفيسة وسيدنا الحسين رضي الله عنهما وارضاهما وغيرها من المساجد ،وكأن الصلاة في باقي المساجد الأخري دونها لا تقبل علي الميت !!
لذلك فهذه العزاءات التي يتم الترتيب لها بدفع أموال كبيرة لإقامة الليلة من أجل دعوة كبار القوم إليها ،بمصاحبة كاميرات الإعلاميين والصحفيين لتصويرها وتصوير مراحل الدفن والعزاء ، التركيز علي وجوة الفنانين والفنانات دون مكياج والتقاطها والتركيز عليها لأجل عمل تريند اعلاني وإعلامي كما حدث مع الفنانة ميرفت امين ،عندما تم التقاط صورة لها دون مكياج وعلامات كبر السن تظهر عليها !
علي كل حال ،فان العزاءات الاعلامية التي يقيمها كل من هب ودب من الإعلاميين والفنانين ورجال الأعمال ،من أجل التباهي بها ،واظهار أهمية الحدث والحزن علي فراق الحبيب ، واستدعاء كبار المشايخ للقراءة والذين يتقاضون مبالغ تصل إلي ١٠٠ الف جنيه ،وربما أكثر ، هي في الواقع صورة من صور استفزاز القاعدة العامة من الشعب الفقير والمتوسط والذي لا يجد معظمه ،معيشة طبيعية ،ولم يفكر اصلا في دفع آلاف الجنيهات من أجل إقامة عزاء لأي فرد من أسرته أو أقاربه في المساجد الكبري ،بل يكتفون بعمل العزاء بجوار المنزل في سرادق بسيط ،مع استخدام الكاسيت بدلا من المشايخ !
أعتقد أن العزاءات الاعلامية وما يصاحبها من بروباجاندا زائفة لا يمكن أن يقبلها المجتمع بعد ذلك ،ونحن نحاول بناء الجمهورية الثانية التي دعي إليها الرئيس السيسي وقامت مشروعات قومية ليست لها مثيل في العالم علي مدار فترات قليلة ،خاصة أن هذا الأمر ،وهو إقامة العزاءات ، سار مجرد حالة من النفاق والكذب والادعاء بينما تجد اغلب الحضور يضحكون ويطلقون النكات والابتسامات في العزاء والترحيب ببعضهم البعض والحديث عن الشغل والصفقات والامتيازات وغيرها من الأحاديث التي يحصلون من وراءها علي امتيازات ومصالح خاصة ومنافع ذاتية !
يذكر أن هناك شخصيات شهيرة توفي شقيقها وآخرين توفي والدها وآخرين توفي والدتها وتم إقامة العزاء في مسجد شهير وحضره عدد كبير من الصفوة والأصدقاء بالرغم من كون الفقيد غير معروف لهم ،الا أن الحضور الكبير كان لأجل التصوير وإثبات الحضور ومقابلة شخصيات يصعب مقابلتها الا في مثل هذه المناسبات التي أصبح البعض ينتظرها لأجل الحصول علي مصالح وخدمات خاصة وليس أداء واجب العزاء ! ،وكان من المفترض برأيي الشخصي أن يتم انفاق أموال إقامة مثل هذا العزاءات علي الفقراء والمساكين وهم كثيرون في بلادنا بدلا من التباهي والتفاخر بإقامة العزاء في عمر مكرم أو الحامدية الشاذلية أو غيرهما ،فليست الرحمة تأتي من مثل هذه الأماكن وانما تأتي بالتباسط والتواضع والبحث عن الفقير والبسيط والعفيف من أجل تقديم المساعدة له ، وهنا يحصل المتوفي علي الرحمة والمغفرة باذن الله للمتوفي ، اللهم احسن ختامنا يارب العالمين.