خلص وزير التعليم العالي د. عزمي محافظة إلى أن معيقات النشاط الحزبي بين طلبة الجامعات الأردنية يعود إلى وجود قيادات لدى عدد من الجامعات، لا تزال غير موقنة وغير مدركة وربما غير مقتنعة لأهمية العمل الحزبي، في بلادنا، وهذا يعود كما قال إلى "وجود عقلية قديمة مترسخة".
هل الأردن وحده يعاني من هذه العقلية، ومن هؤلاء المتنفذين، أم أن ذلك يعود لأسباب أمنية سياسية تقليدية ما زالت متمكنة من سلطة القرار، ومؤسسات صنع القرار، من عدم تنفيذ أي قرار يُلغي المعايير القديمة، ويسعى ويعمل من توجهات عصرية ديمقراطية جديدة.
نحن نسميهم بقوى الشد العكسي التي لا تقبل الشراكة، لا تقبل الآخر، لا تقبل التجديد، ولا تتنازل عن امتيازاتها ومكاسبها، وترسيخها من الجد إلى الأب إلى الابن ولهذا لم يكن مستغرباً أن ابن المسؤول مسؤول، وابن الوزير وزير، وابن النائب نائب، وابن السفير سفير، على قاعدة موروثة لم تستهلك بعد وهي أن: "ابن الشيخ شيخ".
خيارات تشكيل الحكومات في بلادنا، تقوم على أساس جهوي مناطقي، والتوزيع الجغرافي العائلي، وليس على أساس سياسي حزبي مهني.
قانون الانتخابات لمجلس النواب المقبل، سيعطي للحزبيين 42 مقعداً، حوالي ربع إلى ثلث أعضاء مجلس النواب، كخطوة أولى، للتتسع مقاعد الحزبيين وتكبر مع الدورات الانتخابية التراكمية المقبلة، وصولاً إلى مجلس نواب حزبي بالكامل، وحكومة تتشكل وفق نتائج انتخابات مجلس النواب أي وصولاً إلى حكومة حزبية.
هذا التطور التدريجي، سيكبر ويتسع على حساب قوى الشد العكسي التقليدية المتنفذة ولهذا نجدها معيقة سلفاً للنشاط الحزبي في الجامعات، باعتبار الجامعات هي أهم عناوين وأدوات وخلفيةالفرز والانتخاب وصقل القيادات لمستقبل إدارة مؤسسات الدولة، ولهذا تجد قوى الشد العكسي المعطلة للحياة الحزبي داخل الجامعات، أنها حائط الصد الأولي لإعاقة الانتقال من مجتمع محافظ تقليدي "قاري على شيخ واحد"، إلى مجتمع منفتح تعددي ديمقراطي يقوم على الفكرة والرؤية السياسية الاقتصادية الاجتماعية التي تجتمع وترتوي من معين حزبي، وأن الحزب الجامع للنشطاء، كل وفق الرؤية الجماعية التي يتكون بها ومعها، ويشكلون عنواناً جاذباً لشعبهم طالما أن رؤيتهم ومواقفهم واجتهاداتهم تجتمع في إطار الحزب الذي يتولى تنفيذ الرؤية والتوجه الذي تم التوصل إليه بين المجموعة البشرية التي تجمعها إطاراً واحداً، حزباً واحداً، يقوى بالناس ومع الناس ولصالحهم.
وزير التعليم الأردني، حينما يضع رؤيته أمام الأردنيين كمسؤول ووزير ومواطن، مشخصاً معيقات النشاط والعمل الحزبي في الجامعات، يضع اللبنة الأولى لمعالجنة هذا المعيق، ووضع السيناريو والخطط الملائمة لنجاح الحضور الحزبي في الجامعات، وبدايتها إجراء الانتخابات لمجلس طلبة الجامعات، حتى تكون هي المقدمة والأرضية التي يمكن البناء عليها والاعتماد على نتائجها في فرز القيادات الشابة لمستقبل أكثر ديمقراطية وتعددية ودستورية.