السعادة هي الرضا وراحة النفس والتي ينبع مصدرها من داخل الإنسان، فالسعادة الحقيقية تكمن في منحها ومشاركتها مع الآخرين من خلال تقديم المساعدة لهم بأي شكل من الأشكال.
فمساعدة الآخرين لها أهميّة كبيرة للأفراد والمجتمع في تخفيف عبء الحياة وتعبها وهمومها وآلامها عن الناس، ونشر جو من السعادة والتفاؤل في حياتهم مما يدفعهم للمضي قدما لاستكمال مسيرهم والفرحة تغمر قلوبهم.
يشعر الشخص الذي يُساعد الآخرين بالكثير من الفرح والسعادة والطاقة الإيجابية، لأنه يحسّ بقيمته كإنسان وتتولد لديه رغبة قوية أن يكون قائداً لفعل الخير، فمن يُساعد الآخرين يتميز عن غيره برقة القلب وطيبته وإنسانيته الكبيرة، ولا تقتصر هذه المساعدة على الناس فقط، بل ربما يُساعد الإنسان حيواناً ما فيطعمه ويسقيه ويمنحه الدفء أو يُخلصه من موقفٍ ما، فأبواب المساعدة كثيرة ومفتوحة وعديدة، ولا يعجز أي شخصٍ عن الدخول منها.
تقول الإخصائية الاجتماعية عبير الزعبي إن: «مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم لها فوائد ليس على الفرد بل على تقدم المجتمع وازدهاره، فالمجتمعات المتقدمة تتميز بقيم إيجابية وكثرة أعمال الخيروالإحسان، وتقديم يد العون للمحتاجين».
وتشير إلى أن: «مساعدة الآخرين تساهم في تشجيع أفراد المجتمع على الإقدام على فعل الخير والاحسان للناس مما يؤدي مع مرور الوقت على تجذر ثقافة الخير، والعطاء، والتعاون، والمحبة وتوطيد روابط الأخوة بين أبناء المجتمع الواحد بعيدا عن ثقافة الانانية ».
وتضيف أن: «من إيجابيات مساعدة الآخرين تماسك المجتمع ابتداءً من تماسك الأسرة، حيث تساهم في تقوية العلاقات الأسرية فعلى سبيل المثال مساعدة الأخوة بعضهم بعضاً تعمل على تعزيز روح المحبة والتعاون فيما بينهم».
وتابعت حديثها: «وهو كذلك بالنسبة للأصدقاء فتقديم المساعدة فيما بينهم يساهم بتقوية وتوطيد الصداقة والمحبة بينهم بشكل أكبر، بالاضافة أن مد يد العون للآخرين يعزز انتماء الأفراد وخصوصا الشباب لمجتمعاتهم مما يساهم في تطوير أوطانهم ودعم إنجازاته وتعزيزها».
ويقول محمد الخالدي ماجستير الفقه واصوله إن: «ديننا الحنيف حث على مساعدة الآخرين وإيصال النفع لهم وقضاء حوائجهم من خلال أعمال الخير المادية والمعنوية، فمساعدة الآخرين نوع من أنواع العبادات في الإسلام، بشرط أن تكون المساعدة، وأعمال الخير والإحسان خالصة لوجه الله عز وجل».
ويضيف أن: «مساعدة الآخرين باب من أبواب الخير، ثوابه عظيم عند الله، ونوع من الإحسان، واستذكر هنا قول الله عز وجل: }وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }،{البقرة :195 {».
ويشير إلى أن: » مساعدة الآخرين والإحسان إليهم ونفعهم وردت في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة، منها قول رسول الله سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، وقوله (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ) ».
مساعدة الآخرين... تخفف التوتر
ويؤكد خبراء في مجال علم النفس أن: «مساعدة الآخرين من شأنها أن تخفف توتر الأعصاب، حيث إن الانخراط في معاونة الآخرين يحفز إفراز هرمون «الإندورفين»، وهو هرمون يساعد على الشعور بالراحة النفسية».
الفوائد الصحية من مساعدة الآخرين
ويشير المدير السابق لمعهد «النهوض بالصحة» في الولايات المتحدة الأميركية «آلان ليكس»: إلى أن معاونة الآخرين تساعد على تقليل حدة الضغط العصبي، حيث إن مساعدة الفرد للآخرين تقلل من تفكيره بهمومه ومشاكله الشخصية ومن ثم يشعر بالراحة النفسية.
ويؤكد فريق من الباحثين بجامعة بكين الصينية أن: «الأشخاص الذين يبدون اهتمامًا بالآخرين ورفاهيتهم يكونون أقل شعورا بالألم مقارنة بأولئك الذين لا يتمتعون بنفس القدر من اللطف».
وقام الباحثون: بفحص أمخاخ أكثر من 280 شخصاً كجزء من دراستين حول السلوك الإيثاري ومستويات الألم، بحسب ما نشرته وسائل إعلام بريطانية».
واكتشف الفريق البحثي أن: «جزء المخ المرتبط بمستويات منخفضة من الألم، يرتبط أيضًا بسلوك غير أناني».
ووجد باحثون في جامعة بيتسبيرغ في الولايات المتحدة أن :«تقديم الدعم والمساعدة للآخرين من شأنه أن ينشط مساراً عصبياً في الدماغ يعزز من صحتنا، إذ يقوم هذا السلوك بتنشيط منطقة الدماغ، التي كانت مرتبطة سابقاً بالرعاية الأبوية، في نفس الوقت، يقلل النشاط في اللوزة الدماغية، وهي البنية الدماغية التي ترتبط بالاستجابات للضغط والتوتر».