أكتب اليوم وأستذكر سيرة ومسيرة ، عن نياشين واوسمة بحجم الامانة والإخلاص ... أكتب بدم وطني لا بحبر قلمي، أكتب وكلني مملوء بالثقة والفخر عن بطولات وجولات فحينما يكون العطاء بقدر الوفاء يكن الدعاء بحجم السماء ويكن التذكر بحجم الوطن، أكتب عن قائد أشترى بشبابه الجميل حماية روح الحسين ، وهو بالتأكيد بحجم الهيبة والوقار أكتب عن الفريق الركن المتقاعد حميدي الفايز ولعل القراء تسأل أين قلبه بعد فراق الحسين ليكن الجواب مجروح للوفاء ونحن لا نملك إلا أن نحيي الشيبات التي غزت مفرقه، لمن خدم بكنف الملوك الهاشميون صاحب الميثاق والعهد وهل من يكتب عن الميثاق والعهد أجدر بأن لا يلوح قلمه للحميدي سادة فتيان البادية النجب هو أقحوانها وشيحها وقيصومها، وصاحب الجملة المعروفة بالترحاب :
( ابشر وصلت كله من خير الله وخير ابو عبدالله) ونحن بصدد لإستعراض السيرة والمسيرة فأن كل مجلدات الدنيا تزخر بهذا الوفاء ، وإذ يعتبر الحميدي من القامات العسكرية في الأردن بفضل مرافقته للحسين الباني طوال فترة خدمته في الحرس الملكي الخاص , وهو من أسس لهذه القيادة ويعتبر من جيل المؤسسين الأوائل لها ( الحرس الخاص ) فالبورية الخضراء بالنسبة للباشا الحميدي أبا نايف المؤسسة التي تزخر بالقامات والأمناء على أرواح الهاشميين وهي دوماً في الطليعة والتي لا زالت تحلق بالصدارة عالياً بجانب اخواتها من تشكيلات القوات المسلحة ( الجيش العربي )، فقد بنى جيلاً وغرس فيهم معاني الوفاء والإيثار للوطن والقيادة ، وهو من تهابه الرجال في ميدان اللواء وهي التي نالت ثقة وأستحسان الحسين الباني وعبدالله الثاني وأخذت الصدارة ونالت الثقة ومكانتها كبيرة في الوجدان الهاشمي وهي الثقة العليا دوماً .
وتقلد الحميدي خلال خدمته العسكرية إضافة الى أنه كبير مرافقين جلالته عددًا من المواقع المهمه القيادية العسكرية وتم تكريمه بعدة اوسمة عسكرية ، ولعل أبرز تلك الأوسمه مرافقة المغفور له القائد الأعلى لفترة طويلة أنتهت بمغادرة الحسين الى الرفيق الأعلى في نهاية القرن العشرين وهو رفيق الحسين ليكون بالقرب منه في كافة الجولات الداخلية والخارجية فهو وصيتة وتركته الطيبة بيننا، وربع قرن من الفقد ولا زالت ذاكرة أبو نايف متخمه بالمواقف الإنسانية التي يتذكرها بحكم هذا القرب ، وتاريخه حافل في المواقف القومية والوطنية ، بوصلته فلسطين ولا يعرف إلا طريق القدس شأنه في ذلك شأن الاوائل الكبار اللذين زرعوا حب الوطن والقدس في قلوب ابنائهم، ولم يساوم يومًا على الوطن ولم يتاجر به، فمن لا يعرف أبو نايف الأقرب له على الدوام فكان القريب من القلب أيضاً هو سنديانة من الإخلاص والعطاء للعائلة الهاشمية .
يمتاز أبو نايف كما يحب ان ينادى بالترحاب والهدوء والبساطة فهولا زال بدوياً يعشق الصحراء والخيل وجل اوقاته في الإسطبلات يتجول في مزرعته الخاصة، فهو ذو أدب جم وصان نفسه وأمتاز بخلق الكوثر من الأدب يخاطب العلياء ويعانق الجوزاء بدوي الطبع والهوية أردني المراس، فهو بشوش وذو لهجة بسيطة ولين العريكة مجرد الجلوس بمعيته تفرد الراحة ذراعيها هناك، فهو لم يتبدل لا على أهله ولا على أصدقائه ولا على ضيوفه وأن تبدلت الأزمان فأبو نايف لا زال القلعة الشامخة والعباءة الصخرية التي تهدهد عليها رفاقة الدرب ، يوماً ما أتصلت بأحد متقاعدي الحرس الملكي الخاص وسألته أين تقضي أوقاتك في يوم العطلة فقال لي بجانب أبو نايف فأنا رافقته في الصغر ولن أتنكر له في الكبر، فهو يدين للرجل بأن صنع منه بطلاً في الحرس الملكي أنذاك وكان قريباً منه، ويضيف بانك لو تعرف أبو نايف لا تمل جلسته...وهو شكل لدى الأردنيين مدرسةً في الوفاء فكان القريب لهم في البوادي والمناطق النائية وعنده الكثير لله في مساعدة المعوزين والمحتاجين ومحبة الناس بالنسبة له كنز فهو ينمي بذار الخير أينما حل ، حماك الله أبا نايف ورعاك أيها الباشا النقي الذي أستمد خبراته ومعدنه الطيب وفي داخله إنسان خير وإنسان طيب ومساحة محبة تكفي كل الوطن، يحوي من الخصال الحميدة والقيم النبيلة التي أستمدها من خبراته ومعترك حياته ومن مرافقته للحسين فهو الأمين المؤتمن، نظيف القلب واللسان الدافئ , يزهو بسجاياه الطيبة وخصاله الحميدة.
أبا نايف يا سنديانة بني صخر الشامخة ويا صاحب الثلاثة وثلاثون عاماً وأنت صاحب البوريه الخضراء وفي ظهر الحسين تقف، فتحيةً الى عشبه ومحمد الفايز وهي الجدة التي انتجت لنا هذه القامات الوطنية من عشائر بني صخر ضحن وجاهدن وأنجبت لنا قادة عظام بحجم الحميدي في سبيل الوطن...
هل تسمح لي يا صاحب الوقار والشيب ... في حين أنت تقلب هذا المقال نحن ندعوا لك بطول العمر وفي مواسم زغاريد النساء الأردنيات رفيعات الشأن أمثال الجدة عشبه أن أكفهري أيتها الحياة وأسموئلي أيتها الأرض والزينات يقطفن زهور الشيح والورد للباشا أبا نايف, فهو يُنمي لدينا مساحة الحب والوجد الذي يجري في دماءه أردنياً ما بين رغدان القصر وأسطبلات أم العمد .