تأتي جولات جلالة الملك عبدالله الثاني الى الدول الأوروبية في سياق الجهود الرامية لحشد موقف دولي لوقف التصعيد في غزة ومحيطها، ولتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الى الاشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة وضمان سلامتهم، فقد بادر جلالته ومنذ تصاعد أحداث العنف في غزة إلى توجيه رسائل تحذير الى دول العالم بضرورة العمل على إرساء قواعد السلام الشامل والعادل في المنطقة، وهذه الجولات هي تعبير عن حرص جلالة الملك على وقف الصراع وضمان سلامة الأشقاء الفلسطينيين في القطاع.
لقد جاءت الرسائل الملكية في خطاب العرش واضحة وصريحة تماما وتتضمن الثوابت الأردنية فيما يتعلق بالصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أكدت على ضرورة المضي قدما في حل الصراع على أساس حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على خط الرابع من حزيران 1967، وكان جلالته يؤكد على الدوام بأن العنف لا يولد الا مزيدا من العنف، وأن مستقبل الأجيال القائمة والقادمة مرتبط بالحل السلمي العادل والشامل، لكي تعيش المنطقة في استقرار وسلام.
لقد تنبأ جلالته في خطابه مؤخرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأن الظروف القائمة في الأراضي الفلسطينية واستمرار الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني ومحاولات تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني؛ ستدفع الى مزيد من التصعيد ومزيد من الضحايا واللاجئين والى تنامي العنف والتطرف، فهناك رسائل تحذيرية أطلقها جلالته في ذلك الخطاب لينبه المجتمع الدولي ان تبعات هذا الصراع والعنف ستكون كارثية وستضاعف من التحديات والمشاكل التنموية والاجتماعية والسياسية بحق شعوب المنطقة، لقد كانت الرسائل الملكية تستشرف المستقبل بكل دقة، وكانت لغة جلالته قوية التأثير ومشحونة بالألم لما يجري بحق الشعب الفلسطيني، كما نادت بضرورة التعاون والعمل بجدية من أجل إحلال السلام والاستقرار.
ومن هنا فإن جولات جلالة الملك التي تستهدف الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة، تأتي استكمالا لجهود جلالته الرامية الى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، وسيكون من شأنها تأمين الجانب الإنساني في تلك الأزمة أولا، وتوفير الحماية والمساعدة للمدنيين في غزة، وتسليط الضوء على حقوق الشعب الفلسطيني، هذه الجهود يقوم بها جلالته وهو يلقى الاحترام الكبير لدى قادة المجتمع الدولي، ويحمل كعادته رسالة السلام والإنسانية.
لقد حمل جلالة الملك القضية الفلسطينية على عاتقيه في كافة المحافل الدولية ولا زال في كل مرة يعيد تلك القضية الى دائرة الضوء، مؤكدا أنها القضية المركزية بالنسبة للأردن، كما هي ذات أولوية بالنسبة للقضايا العربية، وهي مفتاح الأمن والسلام والاستقرار، وأن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في حماية حقوق الشعب الفلسطيني من خلال دولته المستقلة على اراضيه، وأنه لا مستقبل للمنطقة الا من خلال السلام الشامل والعادل الذي ستنعم به الأجيال بعيدا عن الصراعات والحروب التي انهكت المنطقة وشعوبها.