أن الكل في المنطقة والإقليم والعالم عملياً بعد الحرب على غزة في أزمة مع تفاوت في النسب، ولا إستراتيجية حرب لدى الولايات المتحدة الأمريكية ألتي شاركت في الحرب بشكل مباشر وحشدت حاملات الطائرات في البحر الأبيض المتوسط، وكمراقب ومتابع منذ الحرب البربرية والهمجية على غزة في السابع من تشرين أول/ أكتوبر أقول لا تستطيع إسرائيل القضاء على حركة المقاومة حماس، ولا تستطيع دفع عدوها الإسرائيلي إلى الإعتراف بالهزيمة، وأقول أيضاً " لا أحد ينتصر في حرب ، ولو بدأ رابحاً، إن لم يعترف الطرف الآخر بالهزيمة "، وهذه مهمة مستحيلة اليوم في حرب غزة، فلا إسرائيل تستطيع القضاء على حركة حماس لتبدو مهزومة ولو من دون إعتراف، مهما دمرت وقتلت من القادة والكوادر والأفراد وحاولت أن تجعل غزة أرضاً بلا شعب، ولا حركة حماس تستطيع دفع عدوها الإسرائيلي إلى الإعتراف بالهزيمة، مهما دمرت من دباباته وآلياته وأسرة وقتلت من ضباطه وأفراده، وحتى لو أجبرته على سحب قواته البرية مع إستمراره في القصف الجوي والبري الهمجي والبربري، ويبقى الواقع يقول بأن إسرائيل في ورطة كبيرة في غزة، وكما تقول صحيفة الإيكونوميست البريطانية لجهة خيار الأولوية : هل هي للنصر أم لأستعادة الرهائن أم للعلاقات مع أميركا؟، أما الجنرال الإسرائيلي رئيس الأركان والوزراء ووزير الدفاع سابقاً إيهود باراك، فإنه يرى بنيامين نتنياهو عاملاً كبيراً في الورطة عبر إنهيار خياراته، ومن تصوير نفسه بأنه السيد أمن إلى الأستخفاف بأميركا وخداعها والخطأ في " تقييم السنوار وبوتين وأوباما وترمب وبايدن ". "والكل عملياً في ورطة مع تفاوت في النسب، حركة حماس، السلطة الوطنية الفلسطينية، حزب الله، لبنان، أميركا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، مصر، الأردن وبلدان إتفاقات السلام "، فلا إستراتيجية خروج لدى إسرائيل المتورطة في حرب لا تستطيع إنهاؤها خلال أسابيع، ولا يمكنها إبقاء الإحتياط على الجبهة طويلاً قبل إنهيار الإقتصاد الإسرائيلي وتحمل الضغوط الإقليمية والدولية الثقيلة، ولا خيار لدى حماس سوى الإستمرار في صد الغزو داخل غزة مع تمدد الجيش المعادي في الجغرافيا، والأصطدام بإستحالة الإنخراط الإيراني المباشر في الحرب، لا إستراتيجية حرب لدى أميركا ألتي حشدت حاملات الطائرات والمدمرات والغواصة النوويه أوهايو في البحر المتوسط تحت عنوان الردع إن لم يرتدع خصومها وتجاوزوا الخطوط الحمر، ولا إستراتيجية متكاملة للشرق الأوسط لدى إدارة الرئيس جو بايدن، وحتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتخبط في مواقف متناقضة، والمستشار الألماني أولاف شولتز ذهب بعيداً في دعم إسرائيل، فلم يعد من السهل عليه سلوك طريق العودة لوقف تردي العلاقات مع الدول العربية، رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك يجد تاريخ بلاده في إنشاء إسرائيل والعداء للعرب ينتصب أمامه، وهو حائر بين حرب أوكرانيا وحرب غزة، طبعا مصر الرافضة لتهجير أهالي غزة إلى سيناء وهي بوابة غزة وصاحبة الوساطات المهمة، تحتاج إلى توازن دقيق وحساس بين "حماس" والسلطة الوطنية الفلسطينية في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ثم بين معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل وإدانة حربها على غزة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الأردن الذي سحب سفيره من تل أبيب ورفع عيار الإدانة لحرب إسرائيل على غزة وعلى لسان جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا وسمو الأمير حسين ولي العهد حفظمهم الله الذي رافق طائرات سلاح الجو الأردني المحملة بالمساعدات بنفسه الى العريش وكذلك الحكومة على لسان عميد الدبلوماسية الأردني وزير الخارجية أيمن الصفدي والشعب الأردني كافة، ويواجه بالرفض تهديداً جدياً بتهجير أهل الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية.
وسوريا المقسمة أقفلت حدودها، العراق في ورطة بلا حل بين النفوذ الإيراني وفصائله المسلحة وبين الحاجة إلى أميركا وقواتها، واليمن عاجز عن الخروج من ورطة أكبر في الداخل منذ إنقلاب الحوثيين على الشرعية وبدء حرب لا تنتهي، ولبنان الذي يتحرك بحكمه وعقلانية عاجز حتى عن توصيف ورطته الكبيرة على الحدود وفي الداخل، وحزب الله المتورط في فتح الجبهة الجنوبية بقرار منه والممسك بمفاصل السلطة في بيروت، يرى ورطة لبنان الطريق إلى لبنان آخر يخطط له، وتبقى الحقيقة تقول بأن سلسلة ورطات لا يمكنها أن تصنع حلولاً من النوع الذي تحتاج إليه منطقة الشرق الأوسط.