لا يجوز التعامل مع قضايا المناخ بمعزل على الكارثة الإنسانية الحالة بقطاع غزّة. هذا ما أشار إليه صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم في كلمته يوم الجمعة 1/12/2023 في مؤتمر المناخ COP28 المنعقد في دبي، وكأن جلالته يقول بأن الكارثة الإنسانية في غزة يجب أن تتصدر أجندة الحديث هذا المؤتمر العالمي حول التغيّر المناخي العالمي، والعمل لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدات الطبية والإنسانية وغيرها لغزّة، حيث تعرض 1.7 مليون غزّي إلى النزوح من بيوتهم، وتعرض عشرات الآلاف للقتل والإصابات المتفاوتة، وما يعيش عليه حالياً سكان غزة هو كميات ضئيلة من المياه النظيفة والحد الأدنى من الغذاء ونقص كبير في الأدوية والعلاجات الطبية، مما يدعونا لئلا نقف مكتوفي الأيدي حيال هذا الدمار الهائل الذي لا يهدد فقط بالمزيد من الضحايا، بل يشكل عائقا نحو مستقبل أفضل للمنطقة والعالم.
فالتعامل مع تحديات المناخ، كما أشار جلالته، يجب أن يكون بشكل شمولي، بحث يشمل أيضاً المتضررين من التغيير المناخي في منطقتنا وفي العالم، وخصوصا أن منطقتنا تقع على الخطوط الأمامية للتغيير المناخي، وحالياً، فإن الحرب المدمرة على غزة لها تأثير مباشر على حياة الناس وعلى البيئة، وحاليا، هناك معاناة من شُحِّ المياه وانعدام الأمن الغذائي.
وبلا أدنى شك هناك استراتيجيات قصيرة وبعيدة المدى على الدول أن تتقيد بها منذ مؤتمر باريس لتقليل إنبعات غاز ثاني أوكسيد الكربون والعمل نحو إنتاج الطاقة المتجددة والمشاريع الحيوية حيال ذلك، ولكن ومع ذلك، لا يجب أن التغافل عن الذين يتعرضون حالياً للآثار الكبيرة بسبب التغيّر المناخي، خصوصاً في منطقتنا وفي دول العالم الثالث من الأكثر ضعفاً أو هشاشة، فلا بد من توفير الدعم اللازم للمتضررين من هذا التغيير المناخي لتوفير الماء الصالح للشرب والمساعدات التي تحقق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، للحد من تداعيات الأزمة العالمية للتغيّر المناخي عليهم. وبالأكثر يجب دعم الدول التي تستضيف اللاجئين ومنها الأردن، الذي يشكل اللاجئين فيه أكثر من ثلث عدد سكانه، لتستطيع هذه الدول الإستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للآجئين، وتوفير سبب العيش الكريم لهم، لما يشكل وجودهم من ضغط كبير على البنية التحتية وضرورة توفير الخدمات الأساسية.
وما يجدر الإشارة إليه هو أنَّ رغم مساهمة الأردن بنسبة ضئيلة تبلغ 0.06 بالمئة من الإنبعاثات الكربونية عالميا، إلا أنه يتأثير بشكل كبير بالتغير المناخي الذي يهدد الموارد المائية والموارد الغذائية والتنوع البيئي. ولمواجهة التغيير المناخي يسعى الأردن جاهداً لتنفيذ المشروع الوطني الكبير بتحلية مياه البحر الأحمر ونقل المياه بواسطة الناقل الوطني للمياه والمُعتَمِد على الطاقة المتجددة، وكذلك العمل في الإستراتيجية الوطنية لتوليد 31 بالمئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحول عام 2030، وحالياً تمثل المركبات الهجينة والكهربائية 18 بالمئة من نظام النقل، والخطة أيضاً للسعي للإنتقال للزراعية الذكية مناخيا، وسبل الحفاظ على المياه، والقيام بمشاريع ريادية في الطاقة النظيفة، والإنتقال نحو المشاريع الخضراء وأن يصبح الأردن محوراً للتكنلوجيا الخضراء.