مع دخول الشهر الثالث على الغزو الصهيوني الامريكي الغربي الغاشم ، لقطاع *غزة* الصامد رغم القصف والحصار ، رغم ارتفاع أعداد الشهداء المرتقين ، ورغم صرخات الأطفال ورغم صمت العالم ، ما زالت غزة صامدة في وجه الطغيان المحتل المعتدي، ولم تستسلم وما زالت تقاوم جيش العدو ، وهي معتصمه بربا حاميها وناصرها باذنه تعالى {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُون}[آل عمران:١٦٠]
يا *غزة الصمود* علميهم أن إرادة الشعوب أقوى من الحروب..
علميهم أن قضيتنا قضية وجود وأن النظال ليس له حدود ..
علميهم أن ارضنا طاهرة وحرمت على المجوس واليهود ..
علميهم أن دمائنا غاليه والاقصى يفدى بالنفوس..
علميهم أن *غزة* هي مقبرة الغزاة وارض الصمود..
علميهم أن *غزة* مصنع الرجال والشموخ..
علميهم أن الله وعدنا بالنصر الموعود..
علميهم أن نكون أو لا نكون.. نحي أو نموت..
وها هي *غزة* تلقن الصهاينه المغتصبين دروسا في فنون القتال وتعلم العالم كيفيه الدفاع عن النفس والعرض والارض ، وتضرب اروع البطولات في سبيل العزة والكرامه .
وأن النصر لا يتحقق الا عن طريق الصبر والثباتُ والتوكل على الله .
وتقدم *غزة* درسا في عزة الأمة بإيمانها وثقتها بربها ،فشهداءها مرفوعةً رؤوسهم ، موفورةً كرامتهم، بينما يعيش الخونة والمتآمرون أذلة يجرون أذيال الخزي والعار .
ودرس اخر ضربته *غزة* في أن من يمتلك العزيمه الإرادة قطعا سيمتلك النصر بحول الله ولو بعد حين .
فضلا أن عملية *"طوفان الأقصى* " تعتبر بداية مشوار تحرير فلسطين بإذن الله تعالى، فقد أنعشت " *طوفان الاقصى* " القضية الفلسطينيه التي كادت أن تصبح طى النسيان، بالمقابل العدوان الغاشم على *غزة* كشف عن ضعف وتخاذُل العرب والمسلمين عن القيام بواجبهم نحو قضيتهم الاولى واظهرت مدى الوهن والخذلان والتقاعس الذي أصاب الأمتين العربيه والإسلامية فبينما *تباد غزة* بالترسانه الحربيه الصهيونيه ويئن الأطفال وتنوح الثكالى ويستغيث الشيوخ والمرضى ولا مغيث نحو نصرتهم ونجدتهم.
كشفت فصائل المقاومة الفلسطينيه للعالم العربي والإقليمي والعالمي بأن هذا الكيان الصهيوني المحتل " *اوهن من بيت العنكبوت* "، فاظهرت المواجهات العسكريه في ميدان المعركه انهم جبناء خَوَّارون لايجيدون المواجهة والقتال إلا من وراء الجدر كما أخبر عنهم ربنا جل وعلا بقوله:{لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}(الحشر ١٤)
*علمتنا غزة* أن الكيان الصهيوني لا يخشون إلا من النفوس الزكيه الحافظين لكتاب الله العزيز والجباه الراكعه الساجدة لرب العالمين، أما تجار الحرب والعملاء المندسين والخونه والعربده المتواطئين ، فهم في مأمن من الصهاينه.
كذلك *حرب غزة* اثبتت أن تواطؤ الغرب على الأمة اليوم هو كحاله بالأمس، وهكذا سيكون غداً.
وكشفت غزَّة للعالم بأن القانون الدولي مجرَّد حبر على ورق ، وهو بقبضة القوى الاكثر اضطهادا وهيمنة وتجبرا بالعالم ، وأن شِرعة حقوق الإنسان كذبه ولعبه بأيديهم يطبقوها متى شاؤوا وكيفما أرادوا!.
*خنساء غزّه* أثبتت أن الخنساء لم تمُتْ ، وأنها قادرة على تقديم أولادها في سبيل الله صابراتٍ محتسباتٍ ولسان حالهنَّ: اللهُمَّ خذ من دماء أولادنا حتى ترضى! فهي داعية، ومربية، ومجاهده.
*غزَّة* اثبتت مقولة أنَّ الحقَّ يُنتزع انتزاعاً ولا يُستجدى، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة،وزمن المفاوضات والاتفاقيات والانهزاميه والتودد والخداع والكذب مع الكيان الصهيوني واعوانهم ولى بلا عوده وفرض واقع الحال .
حرب *غزّة* قدمت درسا للعالم بأنَّ العقيدة سلوكٌ لا سُطور ، والإيمان بقضية التحرير هو ركن أساسي من العقيده ومؤمنين ومسلمين بقضاء اللهِ، يجمعون أشلاء أحبائهم ويحمدون ربَّهم، يمسحون عبراتهم ويواسون بعضهم ، يواصلون الجهاد ليل نهار . عقيدتهم هي شريان قلوبهم فانعكست على جوارحهم وقاموا بادوارهم البطوليه على أكمل وجه .
وما زالت المقاومة في *غزة* تعطي دروسا في العزة والكرامه والشهامه والبساله التي كادت أن تمحى من الذاكره .
رأينا العزة في كبار السن الذين يدعون رب السماء وهم في شدة البلاء،يدعون بقلوب مليئه باليقين.
ورأينا الصمود والشموخ والإرادة والعزيمة الصادقه في شباب غزة أمام العدوان الصهيوني وهم يدفعون دمائهم ويضحون بانفسهم ويضربون اروع البطولات في ميادين القتال في الذود والدفاع عن ارضهم وعرضهم وشعبهم .
ورأينا العزة والشموخ في عيون تلك الامهات الغزاويات المرابطات اللاتي يودعن ابناءهن شهيد تلو الشهيد بمشاعر ملؤها التسليم والثقة بالله والثبات.
هي *غزة* التي لا تمثل إلا عُشر دولة في مساحتها ، ولكنها تفوق دُول كبرى في كرامتها وعزتها وشجاعتها وبسالتها وتمسكها بارضها.
إن هذه الدروس التي يقدمها *رجال فصائل المقاومة الفلسطينيه* الاحرار في *غزّة* على أرض الواقع ، لَهِي منهاجا تعليميا وتربويا واكاديميا واستراتيجيا في العزة والكرامة والمروءة ، ولا بد أن تُدرَّس وتصبح منهاجا لهذا الجيل وللأجيال القادمة.
ذاك هو الرجل الغزاوي حامل القذيفة الذي ينتصر على قائدي الدبابات والمدرعات والمدافع الصهيونيه ! هنا تظهر الإرادة والعزيمه والاصرار على تحقيق الهدف وهو النصر ولا غيره .
أولئك المجاهدين المقاومين الفلسطينين الذين اثبتوا جدارتهم وبسالتهم وشجاعتهم وجرأتهم امام الآلاف من الجنود الصهاينه والمرتزقه الذين احتشدوا من عدة دول ، واذ تسحقهم رجال المقاومه بين قتيل وجريح وأسير !
*الإعلام*
كذلك علمتنا غزة أهمية تسخير الإعلام لخدمة قضايا الأمة خاصة أننا نعيش عصر الثورة المعلوماتيه والتقنيات المتطورة الحديثه، فضلا عن عصر الذكاء الاصطناعي الذي اصبح واقعا ملموسا، فيجب مواكبة متطلبات العصر واظهار الحقائق والوقائع والاحداث الحقيقية للعالم ، وتثبيت المرابطين وفضح جرائم المعتدين الصهاينه والغرب وكشف النقاب عن الخائنين والعملاء.
وعلمتنا *غزة* كذلك الأخذ بأسباب النصر لانه من ضرورات بقاء الأمة وصمودها في مواجهة التحديات العالميه.
*غزة* اثبتت للعالم بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الأمة لم تمت ولن تموت ، لأنها خلقت لتبقى ، قال تعالى:(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)(آل عمران ١٧٣\١٧٤).
يقينا أن ثبات أهل غزة وفلسطين هو ثبات للأمة ، وأن خذلانهم خطر على الأمة في دينها ودنياها ، وفي حاضرها ومستقبلها.
الأمة تمر بمرحلة صعبة جدا ، فهذا الوهن الذي خيم عليها منذ قرون خلت ، فلا بد من القضاء على هذا الضعف والهوان وتسترد الأمة مكانتها بين الأمم وقوتها ، بلا شك أنها مرت بظروف أشد ضعفا وهوانا مما تمر به اليوم، وبعدها استعادت مجدها كما كانت، تفتح الأمصار وتنشر الضياء في كل مكان ..