على إيقاع المفاوضات الأمنية الجارية بالدوحة بمشاركة الموساد، بالقاهرة بمشاركة الشين بيت، وفى باريس وأوسلو بحلة سياسية اقليمية ودولية، يدخل المشهد العام بحالة مستعصية لا تحمل صيغة مرضية، و فى وحل غزة تدار معارك عملياتية خاصة حاولت إغتيال محمد السنوار الأخ الشقيق واليد الضاربة لقائد كتائب القسام يحيى السنوار، على ايقاع اعادة تشكيل مسرح العمليات لتكون محدودة وخاصة بعد إخفاق الاجتياح البري من تحقيق أهدافه، بدخول الوزير غالانت للنفق الكبير الذى يقدر طوله 4000 م ما بين ايرنز وبيت حانون، تكون الحالة الميدانية بغزة قد وقفت عند هدنة عسكرية ودخلت فى بحر اشتباك استخباري هذا ما يبينه العرض الميداني.
أما في الاتجاه الآخر فإن حالة الانقسام الأفقي فى المجتمع الاسرائيلي أخذت بالتعمق لدرجة طالت فيها الجيش الاسرائيلي هذه المرة، والذى بات يقف ما بين الاستمرار بصفقة التفاوض من عدمها مستجيبا بذلك المظاهرات العارمة التى تجتاح شوارع تل ابيب، والتي باتت تقف مع وقف اطلاق النار من اجل انهاء ملف الاسرى.
وهو العامل الذاتي الذي شكل حالة رمادية تحمل من التناقضات السياسية، كما تحمل من الاشتباكات الضمنية وتقف بين فريقين أحدهما يريد الإستمرار بالمعارك مع انه لا وجود أهداف محددة او على الاقل واضحة، وآخر يريد وقف عملية الاستنزاف التى لم تشهدها اسرائيل من قبل بعد جمود الحركة الاقتصادية وحالة النزوح للمناطق الشمالية وخسائر عسكرية جسيمة وضحايا بشريه تقدر اعدادها ل 13500 بين قتيل وجريح منذ اندلاع معركة 7 تشرين أول، وهو العامل الذي أخذ يشكل حالة هوان على العامل الذاتي الاسرائيلي نتيجة ثقل الأحمال التى ألمت به جراء حالة التهور بالرد والغلو باستخدام الة الحرب من دون حساب دقيق لطبيعة النتائج لحرب غزة.
وأما بالاتجاه الموضوعي الاقليمي والدولي فلقد خسرت إسرائيل كل أعوانها حتى ذهب ظل المظلة الدولية والإقليمية عنها، وبقيت تحت لهيب الشمس دون حماية سياسية بعدما فقدت طوق العيون الخمسة، استراليا ونيوزلاندا وكندا وفقدت بالامس بعد البيان الوزراي بصيغة مقال بريطانيا وألمانيا بعدما أكدوا على ضرورة وقف إطلاق النار، وليعزف الجميع سمفونية الوداع لإسرائيل سياسيا فى حربها على غزة وهو ما يعني بالمحصلة انحسار المظلة الدولية بالكامل ولم يبقى سوى الرئيس بايدن.
وهو ما تقوم اسرائيل ايضا بخسارته كحليف بعدما قامت بمناكفة مشروع الرئيس بايدن للمنطقة، الذي قام ببيانه وترتيب عناوينه المستشار جيك سوليفان في زيارته الأخيرة للمنطقة ولقاءه مع الرئيس الفلسطيني في رام الله، والذى كان سيسمح بدخول قوات السلطة لحفظ الأمن بموافقة حماس بعد انتهاء عمليات حرب غزة، تأكيدا على مبدأ حل الدولتين لكن القيادة الاسرائيلية راحت تتحدث عن إطلاق سراح مروان البرغوثي دعم التيار المناوئ من أجل القضاء على مشروع حل الدولتين، عبر تأجيج حالة الصراع في الضفة وغزة، وليس من أجل إخمادها كما يريد الرئيس جو بايدن ... وهو ما جعل من الأزمة تدخل فى ازمة من جديد.
وفى انتظار ما ستسفر عنه نتائج الميدان من استخلاصات، و ما ستظهره الحالة التفاوضية بالاتجاة المتمم ستبقى حرب غزة مشتعلة ولن يخمد نيرانها سوى الوصول لنتائج مفيدة تقوم على حل منصف للقضية الفلسطينية، ولا تقف عند ادارتها باعتبارها ازمة عابرة.
هذا لأن فلسطين ليست مشكلة هامشية يمكن حلها بالتقادم، أو يتعاطى معها باعتبارها موضوع جانبي يمكن إنهاء خلافه بالتراضي، فالقضية الفلسطينية حالة مركزية لا يمكن الالتفاف عليها من اجل احقاق حالة سلمية فى المنطقة من دون حل عقدة النزاع القائمة بشكل عادل بما يجعل الأجيال القادمة تصونه وترعاه ... وهذا ما يتطلب تطبيق قرارات الشرعية واعطاء فلسطين صفة عضو عامل في الأمم المتحدة.
فان حرب غزة درس يجب على القيادات الأمنية والعسكرية التمعن بجوانبه، كما من المهم للقيادات السياسية الإقليمية منها الدوليه التوقف عنده كثيرا، فلا يجوز الاستدارة او القفز فوق حقوق الشعب الفلسطيني فان هذا ما تقوله جملة غزة، وهو ما قاله بيان الملك عبدالله الثاني فى الامم المتحدة قبل دخول الجميع فى وحل غزة.