فى إطار مواصلة دق ناقوس الخطر بشأن ما يتم إثارته من قضايا جدلية وطرح مناقشات من شأنها الإثارة والبلبلة خاصة فيما يتعلق بحياة الأسرة التي تمثل العمود الفقرى للمجتمع، خاصة أن هذه الأطروحات يتم تداولها وفق فهم لأشخاص افتقدوا لثقافة ما يثار وما لا يثار على الملأ، نثمن تعاطى وتعامل مؤسسة الأزهر المقدر، خاصة أنها استطاعت أن توظف كافة المنصات الإلكترونية ووسائل الحداثة فى التوضيح والتفسير والرد، ونموذجا بيان مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وهنا أسلط الضوء فى مقالنا على عدة أمور جاءت فى البيان حاسمة، مثل أن الخوض في أحكام الأسرة بغير علم يُشْعِل الفتن ويُفسد الأسرة ويعصف باستقرار المُجتمع.
والتأكيد على أن العلاقة الزّوجية علاقة سَكَن تكامُليّة تقوم على المودة والمُسامحة وحفظ حقوق الرّجل والمرأة والطّفل، وأنها ليست علاقة نديّة أو استثمارية نفعيّة وتغذيةُ روح المادية والعدائيَّة فيها جريمة أخلاقيّة. وان أُمومة المرأة وزوجيتها ورعايتها بيتها وتخريجها أجيالًا صالحة للمجتمع رسالةٌ عظيمة لا تضاهيها رسالة، وأنه لا يليق بقدسيّة الزّواج ومكانة الزّوجة فيه أن تُعامَل معاملة الأجير في أسرتها بأن تُفرَض لها أجرة محددة نظير أعمال رعاية أولادها وزوجها، وأنه جرى العرف بقيام المرأة على خدمة زوجها وأولادها وهو كالشَّرط المُلزِم، وأن إرضاع الأم أولادَها واجب عليها حال بقاء الزوجية إن لم يضرها الإرضاع واستطاعته وهو عُرفٌ مُلزِم كالشرط.
وأعتقد أن هناك عدة رسائل مهمة جاءت أيضا فى البيان يجب أن نضعها عين الاعتبار، وهى أن إهدار أعراف الناس المُستقرة والموافقة للشَّرع والقول في القرآن والسنة بغير علم وادعاء التضارب بين نصوصهما والخلط المتعمد بين دلالاتها أساليب مرفوضة ينتج عنها إثارة الفتن وتفكك الأسر وابتعاد الناس عن هدي الإسلام وسماحته وأحكامه، وان التَّستُّر خلف لافتات الحريات وغيرها لتقسيم المجتمع وبثّ الشِّقاق بين الرجال وزوجاتهم بدلًا من محاولة زرع الودّ والمحبة فكرٌ خبيث مغرض يستهدف الإضرار بوحدة المجتمع، أما إذكاء الاستقطاب والنِّديّة بين الزَّوجين وعرض الزَّواج في صورة ماديّة مُنفِّرة غير مبنية على المودة والسَكَن أمور مرفوضة منافية لتعاليم الأديان وفِطرة البشر.
والعجيب أن هؤلاء الأدعياء وأصحاب هذه السخافات يصدرون الأمر ويصورن تلك العلاقة الزوجية المقدسة على أنها صراع دائر، ومتناسين أن الحياة الزوجية لا تُبنَى على الحقوق والواجبات فحسب، وإنَّما على الود والمحبة والاحترام، والعشرة الطيبة.
وأخيرا.. فإن الخطورة كما ذكرنا أن تداول هذا الفهم دائما ما يكون لأشخاص يفتقدون لثقافة "ما يثار وما لا يثار على الملأ" حفاظًا على المصلحة العامة والخاصة، لكن للأسف بفعلتهم هذه يساهمون فى تفكك الأسرة وضرب منظومة القيم في مقتل..