حينما تكون الكتابة في العمق عن شخصية وازنة و اعتبارية بامتياز فإننا نكتب عن قامة ومقام ، فهي ليست عبارات يمليها القلم ولكنها عبرت من خلال القلب الى القلم ... ابا فارس يا فقيدنا والدعاس والوطن هل تسمح لي ايها النبيل أن أكتب لمقامك يا ابن المنشية والياسمين يا صديق والدي والحروف المتعبة ... هل تسمح لي أن أمر عبر الزمن على المواقف وانا اتذكر تماماً كل المواقف التي تربطني برحمة والدي ، واستشعر معها نبل الموقف كلما عبر بنا الزمن نجالس أنفسنا ونشهد أمام الله انك الموقف وسيده ونحن اللذين تربينا لا نعرف النكران ولا نزيف ضحكاتنا ونحن نفهم سوالف وذكريات كان لها الصدع فينا وانت وصية الوالد بالتواصل رحمه الله ، وصورتك كما صورته باقية في قلوبنا ما حيينا ونحن سلكنا درب المحبة لأننا صوفيون بمحبة فيمن يحب والدنا ولعل سنوات الثمانينات كانت مفرقاً تاريخياً في العلاقة التي بنيت على الاحترام المتبادل.
سيدي ابا فارس يا من رسمت الحزن في عيوننا وتاهت بكاءً على روح فارقتنا نقف اليوم داعين لها بالرحمة والمغفرة ، هل تسمح لي يا اول البدايات وسيد الفزعه و آخر اجيال النخوة ومحبتك فرحة ودوا للانين أن أرد جميلك وسيرتك ومسيرتك ....
وابدا من التجارة حينما اججت أول المعارج و الخطوات إلى لبنان حيث أستورد القمح منها بعد أن ترك العمل في الخدمة العسكرية في الحرس الملكي في الستينيات بعد أن توفي أخاه وقد رافق الأمير محمد لثلاث سنوات ضمن مرافقية عجت بكل التفاصيل الجميلة ، فهو مثال للإنسان الطموح والمثابر ومن هنا بدأت الحكاية للولوج إلى عالم التجارة والاقتصاد فأسس السمان بشارع البدو ومن ثم الدكان ومن ثم تجارة المواشي ومن ثم الحبوب والعقارات والأراضي و أمضى ما ينوف عن الستون عاماً في هذه التجارة
فاستمر الإلهام والنشاط والمثابرة وعبر إلى السعودية والخليج فالعراق ثم لبنان وسوريا وكانت البضاعة أما السمانه او البقالة او القماش واستقرت أخيراً في
تجارة المواشي والأراضي حتى التصدير للمواشي لدول الخليج العربي ، وكان رحمه الله ذو معاملة تجارية حسنة تعرف من خلالها على كبار تجار سوق السكر في عمان في مسيرة امتدت منذ بدايات السبعينات إلى الآن ، وابو فارس صاحب ال ٨٤ عاماً عند وفاته يمتلك ذاكرة حيه والبركة في الشباب التسعة اللذين سيحملون الإرث من بعده فالعمل بمعية والدهم أسست لأول مداميك التجارة واسماعيل الفارس العليوي
ابو فارس يتميز بأنه صاحب النخوة اسس للتجارة الاولى مع عدد ممن أسسوا للتجارة من الشوام والمسيحيين والمعانية في الفدين وكان آنذاك في السوق على ما اذكر طويلة ومحسين وعقيل وعريمط. كما أنه مارس العمل التطوعي حينما اختارته المفرق محباً لها ليكون ممثلاً عنها و عضواً في مجلس بلديتها الكبرى في عام ١٩٨٣ برئاسة المرحوم عبدالله بصبوص حيث شهدت المدينة في ذلك الزمن الكثير من التطوير والتجديد ولم يكن هذا العمل يثنيه عن أداء الواجب تجاه الأهل والأصدقاء والعشيرة والتجارة ، فقد سعى قديماً واستمر في طريق اصلاح ذات البين بين التجار ورجال الأعمال في المفرق إلى أن أختار الله الامانه ، ومن فضله تعالى لا يعرف عن ابو فارس أنه يائس أو بائس بل كان صاحب همه عاليه ساهمت في مقدرته على حل كل القضايا التي يتدخل بها، وكان من المستحيل أن عاد مستسلمًا فهو ذو خلق قويم وتعامل إيجابي ويمتلك سعة إطلاع وعلاقات ميزته بالصدق والوفاء والاخلاص والأخلاق الحميدة والقدرة على تفهم الآخر مما ميز علاقاته الكبيرة والكثيرة في البادية الأردنية والمفرق ليكون سيف الحق نتيجة هذه الخصال ، وله من الابناء تسعة أبناء
يخطون الخطى على خطاه، فهم تربوا على قول ابشر ويا هلا والعادات والتقاليد والأعراف التي طوعت لهم كل من أمو إلى بيت العزاء فمنزل ودكان وسمان اسماعيل الفارس كانت محجًا لأهل البادية الشمالية والمفرق فهي في الصباح منتدى اجتماعياً لأهل الشور والرأي ومقراً للباحثين عن الامانه ، فكانوا يرسلون أماناتهم منذ تأسيس هذا الدكان من الخليج العربي إليه ليوصلها لاهاليهم فكان مقراً لا ممر .
سلام على روح ابو فارس ما اشتد اليراع وكتب ... وسلام على روح ترقد مرتاحه بين كبرياء التراب و قد اصلحت ذات البين مراراً ، وسلام على روح كلما قرأ حفيدها القران ويممت نحو المنشية فلا بد من حنين إلى قبر ضم اعز الناس ورفيق الوجد والحياة ....
ابا فارس يا صديق الوالد والعمر والخطى المتعبة يا صاحب الموقف هيهات لو مساحة المقال تكفي لكي اكتب أكثر عن الحب والرجولة فلله درك يا سيد الكبرياء والتواضع والموقف ..