في ضوء تطبيق قوانين الإصلاح، ضمن مسارات التحديث السياسي للدولة الأردنية، أنضم 61 ألف و534 مواطن الى الأحزاب السياسية يشكل الشباب منهم نسبة 38.5%، دون سن 35 عاماً).
المرحلة تشهد تحركا كبيرا للتوعية في قانوني الانتخاب والأحزاب، وكسب منتسبين ومناصرين، وتشهد تطوراً ملحوظاً في كسب تأييد الشباب نحو بعض الأحزاب ذات الرؤية البرامجية المؤسسية ولها حضور في الميدان.
خلال الفترة ما بين تموز وتشرين الثاني، ستشهد المملكة استحقاق ديموقراطي بإجراء انتخابات برلمانية تفرز نواباً عليهم مسؤولية تشريعية ورقابية كبيرة، كتجربة تطبيقية أولى لمسار التحديث السياسي، خصص للقوائم الحزابية من خلالها 30% من عدد المقاعد في مجلس النواب في الدورة العشريـن المقبلة، إذ يمكن حصد مقاعد نيابية إضافية تمثل الأحزاب وتحمل برامجها تحت القبة عبر القوائم المحلية.
حضرت الإرادة السياسية، حيث توفرت القوانين والضمانات التي تنظم عمل الأحزاب بالطريقة والتوجه والأفكار والمبادئ التي اجتمعوا عليها الأعضاء، مع التأكيد الرسمي بكافة اشكاله على ضرورة العمل الحزبي البرامجي والانخراط فيها من قبل الشباب والمرأة وتشجيع الحوار لتجويد المرحلة، والتحذير بنص القانون بمنع التعرض لأي أردني بسبب انتمائه أو انتماء أي من أقاربه الحزبي، كما منع التعرض لطلبة مؤسسات التعليم العالي بسبب الانتماء والنشاط الحزبي السياسي.
لقد وصل الشباب إلى مرحلة متقدمة كانت ضمن الطموح السياسي، حصلوا عليه في وقت أسرع من المتوقع، عززت من قوتهم ليكونوا مؤثرين وقيادات في المؤسسات الحزبية، استطاعوا وضع آراءهم وأفكارهم على طاولة الحوار لا سيما القضايا الكبرى التي يواجهونها من مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل، والبطالة وتأثيرها، والصراع مع الأجيال والتغير المناخي وغيرها من المشكلات، مؤمنين بأنهم الركيزة الأساسية والرئيسية في المجتمع، فإذا كانوا اليوم يمثلون نصف الحاضر فإنهم في الغد سيكونون كل المستقبل.
على الشباب في هذه المرحلة التحويلية من عُمر الدولة المشاركة بمسؤولية في وضع البرامج الوطنية، بالتعاون مع زملائهم المختصين في حزبهم بمختلف أعمارهم ومناطقهم، حيث تسهم الأنشطة والفعاليات والبرامج في تجويد الحزبية المؤسسية يوما بعد يوم، وتبدد ضعف الوعي السياسي، وتفرز قيادات تعي مشاكلهم وهمومهم وتشكل ملامح الحاضر واستشراف آفاق المستقبل.
وإذا تمعنا في المشهد، نلاحظ أن الشباب لا ينقصهم إلا الخروج من العزلة نحو العمل المشترك وتحقيق الإنجاز، فالضمانات متوفرة للعمل السياسي والانخراط، تنفيذاً للرؤى الملكية السامية لجلالة الملك عبدالله الثاني المعظم وترجمة إلى أفكار سمو الأمير الحسين ولي العهد، بأهمية أن يكون الشاب شريك استراتيجي في عملية الإصلاح والتحديث للدولة، ما شجّع آلاف الشباب لممارسة النشاط السياسي الحزبي في الجامعات وأماكن العمل وفي الندوات والجلسات العامة والانخراط الحقيقي فيها كتجربة أولى لهم، كما أنه لا يمكن تشكيل قوائم حزبية إلا بوجود شباب في ترتيب متقدم في القائمة لضمان وصولهم كشركاء في بذل التضحيات وحصد المكاسب.
سيشهد الأردن عاما سياسيا زخم بالأحداث، لا سيما أن أحداث قطاع غزة تشهد تغيرات يوميا، والموقف الأردني الرسمي والشعبي سيبقى بصالح قطاع غزة وأبناء الشعب المقاوم الصامد، والمطالبة بوقف الحرب المستعرة على القطاع، ومعاقبة كيان الاحتلال على جرائمه، وإنهاء الاحتلال وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية.
كل الأحداث الدائرة في فلسطين والإقليم وما يواجهه الأردن من مخاطر على الحدود الشرقية والشمالية، يجب أن تحفز الشباب الأردني على ممارسة العمل الحزبي البرامجي، ليصل الأردن إلى مراحل متقدمة من الأمن والاستقرار الداخلي، والاعتماد على الذات، وهذا المخاض يأتي عبر التنافس بين الأحزاب؛ بحيث كل حزب يضع كل ما لديه من أفكار وبرامج حديثة، لتقوية جميع القطاعات والمؤسسات في شتى المجالات السياسية والإدارية والاقتصادية، تكون قادرة لمواجه التحديات وحل الأزمات.
منذ مدة تُطرح تساؤلات 'غير بريئة' حول إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية هذا العام، وسط شكوك من إجرائها بسبب أحداث غزة والإقليم، فعلياً يتحير البعض من الإجابة، ولكن رغم الظرف الصعب في غزة، نؤكد أننا بحاجة إلى دولة أردنية هاشمية قوية في مؤسساتها، والمضي بشكل حاسم لتنفيذ مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، بمشاركة واسعة، ويجب أن تكون أولوية لكافة القوى السياسية والمؤسسات، لتكريس الديموقراطية التي يفرزها الصندوق، تهدف إلى العدالة الاجتماعية وتوزيع مكتسبات التنمية على الأردنيين بعدالة، تقوي الجبهة الداخلية، وتدعم الدبلوماسية الأردنية وجهود القوات المسلحة والجهات الأمنية، وتعزز ثقة المواطن بالمؤسسات.
لا ينقصنا إلا تطبيق مسارات التحديث للدولة بالموعد المحدد، فنحن بحاجة التحديث أكثر من كل وقت مضى، للعمل نحو تحقيق مصالح الأردن العليا، وضخ دماء جديدة تطبق القرار بحزم وإرادة سياسية قوية، كأساس للتغيير الإيجابي للدولة دون تأجيل.
الصحفي عمر عبدالله الدهامشة - الأمين العام المساعد لشؤون العلاقات مع وسائل الإعلام في حزب إرادة.