وضعت دولة جنوب إفريقيا الصديقة الكيان الصهيوني المحتل في مواجهة العالم عندما تقدمت بقضية ضده أمام محكمة العدل الدولية مطالبة بوقف الحرب على غزة ، وإدخال المساعدات الإغاثية، والتحقيق في جرائم الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وكانت ندًا سياسيًا وقانونيًا لأمريكا وللكيان الصهيوني عندما ناصرت قضية الشعب الفسطيني وواجهت الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية وكنا نتمنى أن يكون العرب من يتصدرون المشهد في المحكمة ، ولكنها كانت جنوب إفريقيا المناصرة لقضايا الإنسانية بفريق قانوني يقوده وزير عدلها وخبراء من أكبر خبراء جنوب افريقيا القانونيين.
وتصدرت بلاد المناضل التاريخي الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا الذي قاد بلاده نحو الحرية والعدالة والديمقراطية والإزدهار المشهد العالمي في دفاعها عن الشعب الفلسطيني رغم أنها ليست دولة عربية أو إسلامية ، إنها جنوب إفريقيا التي عانت طويلا من أجل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية حتى نالتها وهزمت المشروع الاستعماري وهي الآن تضع الكيان الصهيوني في مواجهة شعوب العالم وتفضح جرائمه بحق الشعب الفسطيني ، رغم علمها بأن هذه الخطوة ستواجه بضغوطات أمريكية _صهيونية، فجنوب إفريقيا بلد صغير وإقتصادها صغير ولكنها متمسكة بالمباديء الانسانية ، فهل يتعظ العالم العربي والإسلامي وهل يتخذون خطوات مشابهة أم سيدفنون رؤسهم في الرمال، ومن المفارقات أن الكيان الصهيوني سمح بدخول مئات شاحنات المساعدات الاغاثية والطبية، بمجرد النظر في القضية، فماذا لو تحرك العالم العربي والإسلامي واغلق اجواءه وحدوده وكل تعاملاته مع الكيان الصهيوني فكيف سيكون رد الفعل علمآ بأن الكيان الصهيوني اتهم دولا عربية بمنع دخول المساعدات الاغاثية والطبية والإنسانية وليس حكومته متهمًا مصر بشكل خاص رغم إنكارها ذلك..
لقد تقدمت جنوب إفريقيا بقضية العصر أمام المحكمة الدولية ضد الكيان الصهيوني المدلل عند الغرب بعد العجز والتلكؤ الدولي، بل والتواطؤ في قضية لا تقبل الضحد أو الإنكار بتهمة ارتكاب إبادة جماعية وتطهير عرقي، وتهجير قسري بحق الشعب الفلسطيني في غزة، لأنها دولة تؤمن بالقيم الإنسانية ولا يعاني قادتها من الانفصام في الشخصية كمثل بايدن وفريقه السياسي كيربي وبلينكن وغيرهم من الساسة في أمريكا وبريطانيا الذين يتلاعب بهم اللوبي الصهيوني كي يمارسوا الكذب واتخاذ قرارات الفيتو بوقف الحرب، بل وحتى محاولة صرف أنظار العالم بقصف اليمن الشقيق والحوثيين ولكنهم لم ينجحوا في ذلك.
لقد تضمنت مرافعة جنوب إفريقيا برئاسة وزير العدل أدلة واضحة ودامغة على الادعاء المقدم بحق الكيان الصهيوني وقدمت مشاهد قتل الفلسطينين والتنكيل بهم وقتلهم بعشرات الآلاف الى جانب عمليات التهجير القسري، ومنع الغذاء والدواء والمساعدات الإغاثية والطبية والإنسانية وهي في مجملها تشكل جريمة متكاملة للإبادة الجماعية ، الى جانب ما قدمته من تصريحات لوزراء الكيان الصهيوني العنصري مثل سموترش وبن غفير ووزير التراث ووزير الدفاع ورئيس الوزراء النتن ياهو، وحتى كبير قضاتهم الذي أرسلته للمحكمة الدولية للترافع لتقدم للعالم إنموذجًا بشعا للدولة النازية بل أنها تجاوزت كل أنظمة الظلم والطغيان والاجرام عندما قدمت تصريحات كبار رجال الدين اليهودي وهم يقولون لا مانع بل يجب قتل خمسة أطفال للوصول إلى مقاوم، وكذلك التصريحات بضرب غزة بالقنابل النووية أوطردهم ، والتصريح بشكل جلي وواضح بنيتها إعادة إحتلال قطاع غزة المحاصر منذ عقود، و عدم الانسحاب من غزة مما يؤكد أهدافها في الإبادة والتهجير .
لقد منعت إسرائيل عن قطاع غزة كل إمكانيات الحياة، ومنعت الوقود المشغل للمستشفيات ، وقتلت الصحفيين منعًا من نقل مشاهد الموت في غزة والمشاهد المرعبة والمخيفة للحرب الصهيونية الغاشمة على القطاع ، ومنعًا من نقل مشاهد تناثر جثث الأطفال والنساء وأشلاؤهم في الشوارع ، إن بقي هناك شوارع وانتشرت الأمراض، و مسحت عائلات بأكملها من السجلات ورغم ذلك ينكر هذا الكيان الصهيوني العنصري ارتكابه لجرائم الإبادة وتطهير بحق أبناء قطاع غزة بل يتهم جنوب إفريقيا بالنفاق السياسي وأنها ذراع لحماس فما قولكم يا رعاكم الله؟؟
لقد أبدع الفريق القانوني الجنوب افريقي في تقديمه لمرافعته القانونية ضد الكيان المحتل الصهيوني ولم يترك للجانب الصهيوني أي مجال للرد أو الكذب رغم محاولات القيادة الامريكية والصهيونية بالادعاءات الكاذبة حتى أصبح الكذب سلعتهم الوحيدة في عالم لم يعد يصدقهم على الاطلاق.
إن إسرائيل عبر تاريخها أكبر من مارس الإرهاب والتطرف وهي قد ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني أكبر وأبشع أنواع الإرهاب والمجازر، وأن الجيش الصهيوني وقادة الكيان الصهيوني حيوانات بشرية بل وأقل من ذلك فهم يمثلون الشيطان بالاعيبهم على العالم وابتزازهم له، ويجب على محكمة العدل الدولية في لاهاي إدانة إسرائيل رغم ضغوطات تمارسها أمريكا وإسرائيل والغرب الاوروبي المنافق.
ان عدم قدرة مجلس الامن على اتخاذ قرار يوقف فيه الحرب الذي أوقع مئات آلاف من الفلسطينين بين شهيد وجريح ومهجر، دفع الكثير من الدول للتفكير بطريقة اخرى، ومنها دولة جنوب إفريقيا باللجوء الى محكمة العدل الدولية لتحقيق العدالة ووقف العدوان، وخلال الأيام أو الأسابيع القلية القادمة ستكون أنظار العالم متجهة إلى لاهاي بانتظار القرار والذي نأمل ان يكون قرارًا منصفًا للشعب الفلسطيني، ينتج عنه إيقاف الحرب وإدخال المساعدات بقرار قضائي، لا قرارًا سياسيًا، مما يخرج العالم من أزمته وتجاذباته السياسية وانقسامه غير المسبوق في اتخاذ قرار يوقف فيه الحرب.
إجمالا فأي قرار لا يوقف الحرب على غزة ويدين إسرائيل يدل أن المحكمة قد رضخت للابتزاز والتهديدات الأمريكية والصهيونية ، ولكننا رغم ذلك نوجه تحية الاعتزاز بدولة جنوب إفريقيا البطلة التي عانت لسنوات من سياسة الفصل العنصري، فتحية لجنوب إفريقيا وقيادتها وشعبها، وتحية للشعب الفلسطيني وقواه الحية، وتحية إلى غزة العزة والصمود، وتحية التقدير لمحور المقاومة في لبنان واليمن والعراق والجماهير العربية والإسلامية واحرار العالم على مواقفهم المساندة للشعب الفسطيني بالمساندة والتظاهر ضد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية والغرب الاوروبي المنافق والمصاب بانفصام الشخصية والانتهازية السياسية .