"من لم يمت بالقصف مات بالجوع والعطش”، مصير ينتظر أكثر من 700 ألف فلسطيني في شمال قطاع غزة، مع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الذي دخل اليوم شهره السادس، حيث شهدت الأيام الماضية استشهاد عدد من الفلسطينيين جراء الجوع والتجفاف، بينهم /16/ طفلاً، ورغم التحذيرات الأممية من تفاقم الكارثة الإنسانية والمناشدات الفلسطينية المستمرة للمجتمع الدولي بإدخال المساعدات يواصل الاحتلال عدوانه وحصاره بدعم من الولايات المتحدة.
محمد الكحلوت من أهالي مخيم جباليا شمال القطاع يقول في تصريح صحفي: الوضع كارثي في المخيم ومدينتي بيت حانون وبيت لاهيا.. نعيش مجاعة تتعمق يوماً بعد آخر بعد نفاد الطحين والرز وأعلاف الحيوانات التي أجبرنا حصار الاحتلال وعدوانه على أكلها، يموت أطفالنا جوعاً وعطشاً أمام أعين العالم.
ويضيف الكحلوت: إلى جانب حرب التجويع يواصل الاحتلال الغاشم قصف مربعات سكنية بأكملها على رؤوس الأطفال والنساء الذين أنهكهم الجوع والعطش داخل المخيم، وكان أحدثها قصفه فجر اليوم منازل في شارع الهوجا وسط المخيم ما أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين وإصابة العشرات، واليوم بتنا لا نودع الشهداء جراء القصف فقط بل نودع يومياً مرضى ورجالاً وشيوخاً وأطفالاً ونساء بسبب الحصار والجوع ونفاد الأدوية.
طبيب الأطفال في مستشفى كمال عدوان شمال القطاع يحيى العثامنة يوضح أن 16 طفلاً فارقوا الحياة بسبب الجوع والتجفاف وسوء التغذية وعدم توفر المحاليل الطبية لإنقاذ حياتهم، لافتاً إلى أن المستشفى يستقبل يومياً عشرات الأطفال المصابين بالتجفاف والأمراض المختلفة، ولكن الطواقم الطبية عاجزة عن تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، ما يهدد بموت المزيد منهم، ما لم يتم توفير الحليب والأدوية والمستلزمات الطبية لإنقاذ حياتهم.
إبراهيم أبو فول من مخيم جباليا والذي ودعت عائلته أحد أطفالها بسبب التجفاف والجوع يؤكد أن ما فاقم الوضع الصحي والمعيشي لأهالي المخيم هو استمرار الحصار الإسرائيلي وعدم وصول قوافل المساعدات منذ عدة أشهر وقال: حليب الأطفال والغذاء وحتى الأدوية غير متوفرة.. نحن أمام سياسة قتل جماعي لأهالي شمال القطاع الذين لا يتوقف القصف عليهم على الرغم من الجوع والعطش الذي يفتك بهم.
وتشير إحصائيات المستشفيات المتبقية في الخدمة شمال القطاع إلى أن مئات المرضى فارقوا الحياة وخاصة المصابين بأمراض مزمنة مثل القلب والفشل الكلوي والسرطان، والذين يقدر عددهم بنحو 350 ألفاً بعد أن تقطعت بهم سبل الحصول على علاجهم.
ويروي مجدي الكفارنة من جباليا مأساته ومعاناته مع والده المصاب بمرض القلب والذي فارق الحياة لعدم حصوله على الدواء اللازم قائلاً: توفي والدي المصاب بمرض القلب قبل أسبوع، حاولت الحصول على العلاج لكن دون جدوى.. قضى والدي بعد عجزي عن توفير علاجه بسبب الحصار الصهيوني الظالم.. هو واحد من آلاف المرضى الذين لا يتوافر العلاج لهم ويهددهم الموت، فيما المجتمع الدولي يتفرج بصمت بل إنه متواطئ وشريك للاحتلال في جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
طبيب النساء والولادة في مستشفى العودة بجباليا أحمد نصر يشير إلى أن ولادة النساء في شمال القطاع باتت كابوساً إذ لا تتوفر الأدوية ولا التخدير لإجراء عمليات الولادة وخاصة القيصرية، لافتاً إلى الوضع الكارثي داخل المستشفى الذي تصله النساء سيراً على الأقدام من مسافات بعيدة وهن يعانين من مخاض الولادة.
وأوضح نصر أن الغذاء والماء والوقود والدواء نفد من مستشفيات شمال القطاع، ويتم إجراء العمليات القيصرية للنساء الحوامل بأدوات بسيطة ما يشكل خطراً على حياتهن ومواليدهن، محذراً من أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإنه سيتم فقدان المزيد من أرواح الأطفال والنساء.