مع ارتفاع وتيرة الصراع في أوكرانيا، والذي يعكس صراعا أكبر تخوضه روسيا مع الغرب، ومع تعقد خيوط التطورات على الصعيدين العسكري والسياسي، تحاول فرنسا نسج ائتلاف جديد، يشمل الدول المستعدة لإرسال قوات عسكرية للمشاركة بشكل مباشر في الصراع مع روسيا على الأراضي الأوكرانية.
وأعلن عدد من الدول الغربية رفضها التدخل المباشر، معتبرة أن هذا يمهد لاندلاع حرب عالمية ثالثة. وفي المقابل، رحبت دول أخرى خاصة دول البلطيق القريبة من روسيا بهذا الاقتراح.
ويرى خبراء روس أن المحاولات الفرنسية لإنشاء هكذا تحالف محفوفة بالمخاطر؛ لأن الرد الروسي سيكون عنيفًا جدًّا، مبررين الخطوة الفرنسية بأنها تأتي ضمن تخوفات أوروبية من وصول دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، وتغير سياسة واشنطن بعدها، فيما رأى خبراء آخرون أن الخطوة الباريسية لا تتعدى حلبة المنافسة مع برلين على قيادة القارة العجوز.
ائتلاف يقود للحرب الأخيرة
يعتبر الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية ميخائيل أريستوف، في حديث لـ"إرم نيوز"، أنه "إذا نجحت فرنسا في مخططها لتشكيل ائتلاف قادر على إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا لقتال الجيش الروسي بشكل مباشر، فهذا يعني أنها الحرب الأخيرة، والتي ستنهي الحياة في الكرة الأرضية، قد تندلع".
واستطرد: "كون روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي وستضرب هذه القوات بداية على الأراضي الأوكرانية، ومن بعدها هذه الدول التي أرسلت جنودها، باختصار ستكون الحرب العالمية الثالثة".
وبشأن فرص نجاح باريس في مساعيها، يقول أريستوف، إن "احتمالية النجاح ضعيفة كون الدول الأوروبية القوية عسكريا غير موافقة على هذه الخطوة، يضاف إلى ذلك أن رفضًا أمريكيًّا متوقعا سيظهر حينها، خاصة أن واشنطن لا تريد صراعًا مباشرًا مع موسكو، كما أن الدخول في أي حرب مباشرة مع روسيا لن يتم إلا عن طريق الناتو، وهذا الحلف أعلن بشكل واضح رفضه إرسال قوات إلى أوكرانيا فالتوقع أن باريس لن تنجح".
مظلة نووية أوروبية
وحول التلميحات الفرنسية الألمانية عن إنشاء مظلة نووية أوروبية تغطي القارة كلها، يعتقد الباحث في الشؤون السياسية الأوروبية رافائيل كازكشوف، وقال أن "النقاش حول وجود مظلة نووية أوروبية ليس جديدا، فقبل أشهر تطرقت الدول الغربية لهذا المفهوم، والذي يعني توزيع الترسانة النووية التي تملكها الدول الأوروبية على كل الدول المتواجدة في الاتحاد كسلاح ردع نووي".
ويضيف: "نظريًّا وجود نظام ردع نووي لتحالف ما كالاتحاد الأوروبي أمر مهم بالنسبة لهذه الدول، لكن علينا النظر إلى الأبعاد، ولنفترض أن توترا نوويًّا حصل بين دولة ما ضمن الاتحاد مع روسيا، هذا يعني أن كل دول الاتحاد ملزمة بإطلاق صواريخ نووية باتجاه روسيا، والوصول في النهاية لحرب نووية ودمار الكرة الأرضية".
ويتابع كازكشوف متسائلا: "هل جميع الدول الأوروبية معنية بالدخول بحرب نووية؟ وفي حال دخلت أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي هل سيتم إعطاؤها صواريخ نووية، وهل ستسكت موسكو؟ هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات ضخمة من عرابي هذه النظرية".
ترامب رئيسًا لأمريكا يخيف أوروبا
ويعتقد الخبير في الشؤون الأمنية في القارة الأوروبية ياروسلاف مايوروف، أن التصرفات الغربية سواء بإرسال قوات إلى أوكرانيا، أو الحديث عن مظلة نووية يأتي من باب وجود "تخوف لدى بعض الدول الأوروبية من نجاح دونالد ترامب بالوصول إلى البيت الأبيض من جديد؛ لذلك تحاول هذه الدول السرعة بإنجاز أي خطوة حتى لو كانت مجرد اقتراح قبل الانتخابات الرئاسية؛ لأنهم يعلمون ضمنيًّا أن الأمور ستختلف في حال أصبح ترامب رئيسًا مرة أخرى للولايات المتحدة".
ويتابع الخبير الروسي. أنه لتوضيح ما يجري يجب "العودة إلى الوراء وتحديدا أيام دونالد ترامب، كان الناتو على وشك أن ينهار وكانت أوروبا تسعى حينها لإنشاء جيش موحد يدافع عنها في حال انتهى الناتو بشكل كامل، وانطلاقا من هذه المقترحات التي طرحت آنذاك يعود الساسة الغربيون لاقتراح أمور أخرى شبيهة، تجهيزًا لمرحلة ترامب القادمة".
ويضيف في هذا الصدد: "ترامب يرى ويعلم تمامًا أن العالم قد تغير، وأن وجود قوى كالصين وروسيا بات أمرا حتميًّا؛ لذلك يفكر أبعد من مفهوم الصراع بين الغرب والشرق التقليدي، بل ينظر إلى أن أوروبا لا تملك المميزات لتكون ندًّا لأمريكا في الصراع مع روسيا والصين".