سلطت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة وجامعة ملبورن في أستراليا الضوء على علاقة مثيرة للقلق، وهي أن قلة النوم أثناء الطفولة قد تزيد من خطر الإصابة بالذهان في مرحلة البلوغ المبكر. وتؤكد النتائج، التي نشرها موقع "نيوزويك"، على أهمية معالجة قضايا النوم لدى الأطفال للتخفيف من تحديات الصحة العقلية المستقبلية.
وأكدت المؤلفة الرئيسة للدراسة، الدكتورة إيزابيل مونيوز، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة برمنغهام، على أهمية التعرف على مشاكل النوم المستمرة ومعالجتها في مرحلة الطفولة. وقد صرحت أنه "من الطبيعي تمامًا أن يعاني الأطفال من مشاكل النوم في مراحل مختلفة من طفولتهم، ولكن من المهم أيضًا معرفة متى قد يحين الوقت لطلب المساعدة".
وقد شملت الدراسة، التي حللت بيانات من دراسة آفون الطبية طويلة الأمد للآباء والأطفال، 12394 طفلاً تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر إلى سبع سنوات، إلى جانب 3889 بالغًا تتراوح أعمارهم بين 24 عامًا. وعلى مر السنين، تمت مراقبة مدة النوم على فترات مختلفة، وفي سن 24 عامًا، تم تقييم المشاركين لأي تاريخ من التجارب أو الاضطرابات الذهانية.
وكشفت الدراسة عن وجود علاقة قوية بين الحرمان المستمر من النوم أثناء الطفولة واحتمال الإصابة باضطرابات ذهانية في مرحلة البلوغ المبكر. كما بينت أنّ الأطفال الذين ينامون ساعات أقل باستمرار بين عمر ستة أشهر وسبع سنوات كانوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب ذهاني في سن 24 عامًا وأكثر بأربع مرات تقريبًا من احتمال الإصابة بنوبة ذهانية.
وفي حين أن الآلية الدقيقة الكامنة وراء هذا الارتباط لا تزال غير معروفة، تشير الدراسة إلى وجود روابط محتملة بين قلة النوم وضعف الجهاز المناعي. كما تم تحديد المستويات المرتفعة من الالتهاب، والتي تم قياسها عند عمر تسع سنوات، كوسيط جزئي للعلاقة بين قلة النوم والذهان. ومع ذلك، هناك عوامل أخرى مثل نمو الدماغ أو ضعفه قد تساهم أيضًا في هذا الارتباط.
وشددت الدكتورة مونيوز على الطبيعة المتعددة الأوجه لتطور الذهان، معترفًة بأدوار حالات الصحة العقلية، وتعاطي المخدرات، والصدمات النفسية، والوراثة، والعوامل البيئية. ومع ذلك، فقد سلطت الضوء على أهمية تعزيز العادات الصحية الجيدة للنوم كعامل قابل للتعديل ضمن الرقابة الأبوية.
وأوضحت الدكتورة مونيوز أن "الخبر السار هو أننا نعلم أنه من الممكن تحسين أنماط نومنا وسلوكياتنا. فعلى الرغم من أن قلة النوم المستمرة قد لا تكون السبب الوحيد للذهان في مرحلة البلوغ، إلا أن بحثنا يشير إلى أنه عامل مساهم، وهو أمر يمكن للوالدين معالجته".
ومع تعمق المزيد من الأبحاث في التفاعل المعقد بين النوم والصحة العقلية، تؤكد هذه النتائج على أهمية التدخل المبكر والدعم في تعزيز عادات النوم المثالية أثناء الطفولة من أجل الصحة العقلية على المدى الطويل.