مثلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية فرصة "ذهبية" لزعيم الكرملين للرد على محاولات الغرب عزل موسكو دوليا، وإظهار ثقل روسيا في العالم عبر بوابة بيونغيانغ "النووية".
وبحسب تقرير لـ "سي أن أن"، كانت الزيارة الأولى لبوتين إلى كوريا الشمالية منذ ما يقرب من ربع قرن، ولقاؤه الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون، محل تدقيق مكثف في كافة أنحاء العالم.
وجرى استقبال الرئيس الروسي بترحيب حار في بيونغيانغ، الأربعاء، ولوح الأطفال بالأعلام الروسية بينما كانت صورة بوتين العملاقة تزين أحد جوانب ساحة كيم إيل سونغ، وأظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية ملصقات لزعيم الكرملين في الشوارع.
وأكد التقرير أن كل ذلك كان بمثابة إشارة للعالم بأن بوتين ليس معزولاً، وأنه لا يزال يحظى بتقدير كبير في بعض أنحاء العالم.
وشدد الزعيمان، خلال التوقيع على "اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة"، على أن الهدف الأسمى لهما هو التحالف ضد ما وصفه بوتين بـ "السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة".
وتنص الاتفاقية على "تقديم المساعدة المتبادلة في حالة العدوان على أحد أطراف هذه الاتفاقية"، وهو ما يبدو مماثلا للمادة الخامسة من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
واستغل بوتين الزيارة لاتهام الغرب بانتهاك "مسؤولياته الدولية" من خلال تسليم طائرات إف-16 وأسلحة أخرى إلى أوكرانيا.
وشدد على أن روسيا "لا تستبعد تطوير التعاون العسكري الفني مع كوريا الديمقراطية وفقًا للاتفاقية".
وأشار التقرير إلى مخاوف من أن "التعاون العسكري الفني" قد يعني وصول المزيد من القذائف والصواريخ من المصانع الكورية الشمالية إلى الخطوط الأمامية للقتال في أوكرانيا.
وحول ذلك قال الزميل المساعد في المعهد الكوري للتحليل الدفاعي جو بي يون: "إن هذا يوضح ما قاموا ببنائه بالفعل في الأشهر والسنوات الأخيرة لكن بالتأكيد أود أن أقول إن هذا البند مثير للقلق للغاية".
وأنكرت كل من موسكو وبيونغيانغ حدوث ذلك، ومع ذلك فإن روسيا، التي دعمت ذات يوم عقوبات الأمم المتحدة التي تمنع كوريا الشمالية من تصدير الأسلحة، اغتنمت هذه الفرصة لإدانة "العقوبات ذات الدوافع السياسية" مرة أخرى.
وفي مارس/ آذار الماضي، استخدمت روسيا وجودها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنهاء ولاية لجنة مراقبة انتهاكات العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.
"قلق غربي"
وسلط الإعلام الروسي الضوء على الانزعاج الغربي من الزيارة، حيث جاء في العنوان الرئيس للصحيفة اليومية "موسكوفسكي كومسوموليتس"، الثلاثاء: "الغرب يشعر بقلق بالغ إزاء زيارة بوتين لكوريا الشمالية".
وقال مسؤول الدعاية في الكرملين، فلاديمير سولوفيوف، في برنامج حواري مساء الثلاثاء، "ما الفرق بالنسبة للأمريكيين إذا تحدثنا مع جارتنا كوريا الشمالية، لماذا تنزعجون إلى هذا الحد؟"، قبل أن يضيف: "نحن نعيش بالفعل في حرب عالمية ثالثة".
وبحسب التقرير، فإن هذا يشير إلى جزء آخر من إستراتيجية موسكو، وأنها ربما أدركت الآن أن تهديدها باستخدام الأسلحة النووية لم يعد كافيًا لمنع الغرب من زيادة مساعداته لأوكرانيا.
ويتزامن اجتماع بوتين مع زعيم كوريا الشمالية وتوقيع الاتفاقية الثنائية مع بدء تدفق الأسلحة الأمريكية التي طال انتظارها إلى أوكرانيا، ورفع بعض القيود على استخدامها لضرب روسيا.
ومن جهتها تحتاج روسيا إلى الأسلحة لمواصلة إستراتيجيتها المتمثلة في إنهاك وتدمير أوكرانيا حتى الاستسلام.
وبحسب التقرير، فإنه في حين قد لا يكون من مصلحة روسيا الإستراتيجية أن تقدم التمويل الصريح أو التكنولوجيا اللازمة لتوسيع الترسانة النووية لكوريا الشمالية التي لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها والمجازفة بإغضاب الصين، فإنها ربما ترغب على الأقل في أن يصدق الغرب أنها على استعداد للقيام بذلك.