في قلب "صنعاء القديمة"، يمكن للزائر أن يستكشف مجموعة من الأسواق التجارية والحرفية المتخصصة التي لا تزال نابضة بالحياة.
بين باب اليمن جنوباً وباب شعوب شمالاً (من أبواب صنعاء القديمة)، تمتد سلسلة من أكثر من 30 سوقاً متخصصة، تتخللها مئات الدكاكين الصغيرة والسماسر التجارية.
تُعد الأسواق أحد العناصر الأساسية في تكوين المدن منذ نشأتها في الألفية الرابعة قبل الميلاد وحتى يومنا هذا. وقد تميزت العاصمة اليمنية، صنعاء، بأسواقها القديمة التي لعبت دوراً حيوياً عبر العصور كمركز لإنتاج وبيع المنتجات اليمنية الأصيلة، بما في ذلك المنتجات الزراعية، والحرف اليدوية، والمشغولات، والمقتنيات التاريخية.
في قلب "صنعاء القديمة"، يمكن للزائر أن يستكشف مجموعة من الأسواق التجارية والحرفية المتخصصة التي لا تزال نابضة بالحياة بفضل نشاط وكفاح الإنسان اليمني، وتمثل رمزاً للأصالة والتاريخ العريق. بين باب اليمن جنوباً وباب شعوب شمالاً (من أبواب صنعاء القديمة)، تمتد سلسلة من أكثر من 30 سوقاً متخصصاً، تتخللها مئات الدكاكين الصغيرة والسماسر التجارية. هذه الدكاكين، التي يتجاوز عددها 1900 محل تجاري، توجد في الأدوار السفلى للبيوت التقليدية القديمة أو أمامها، مما يضفي على المدينة طابعاً مميزاً يعكس عمق حضارتها وتاريخها.
أشهر الأسواق
وتعد "سوق الملح" إحدى أشهر أسواق المدينة التاريخية، وهي سوق تجارية مركزية تباع فيها التوابل والبهارات والمواد الغذائية وكل المنتجات التي تجود بها الأرض اليمنية، وتتكون من أسواق فرعية عدة اكتسبت أسماءها من أسماء البضائع التي تُباع فيها كسوق الزبيب، وسوق النجارين، وسوق الجنابي، وسوق الممدارة، وسوق المعطارة.
ومن الناحية التصميمية صُممت السوق في قلب المدينة، وتمتد من الجنوب نحو الشمال على هيئة دكاكين وحوانيت صغيرة.
أصل التسمية
وفي ما يتعلق بتسمية "سوق الملح"، أوضح الباحث في الآثار اليمنية، الدكتور سامي شرف الشهاب، أن "الملح كان أحد أبرز السلع التي كانت تصل إلى السوق من مأرب، الواقعة في المناطق الشرقية الشمالية من اليمن. كان هذا الملح صخرياً، ويتم توزيعه من صنعاء إلى المدن الداخلية ومناطق الهضبة الجنوبية والجنوبية الغربية.
نتيجة لذلك، اكتسب القسم الخاص ببيع الملح شهرة كبيرة، مما جعل اسم السوق يرتبط بهذه السلعة على وجه التحديد".
من ناحية أخرى، يشير البعض إلى أن اسم "سوق الملح" قد يكون مشتقاً من كلمة "المُلح"، التي تعني الأشياء الجميلة أو المليحة، في إشارة إلى البضائع القيمة التي كانت تباع وما زالت في هذه السوق.
أعراف تجارية
وتتمتع "سوق الملح" بتقاليد وأعراف تجارية خاصة تحكم عمليات البيع والشراء فيه. على سبيل المثال، إذا احتكر أحد التجار سلعة معينة، يتم أخذها منها وتوزيعها على بقية التجار لضمان توافرها للجميع بأسعار عادلة.
وأشار الباحث التاريخي عدنان البليلي إلى أنه "لا يجوز للبائع رفع الأسعار بشكل عشوائي، وفي حال واجه المشتري أي صعوبة في التعامل مع البائع، يمكنه اللجوء إلى "عاقل السوق"، الذي يتولى تسهيل عملية البيع والشراء، ومراجعة البائع حتى الوصول إلى سعر مناسب أو عادل. كما يتولى "عاقل السوق" معالجة مظالم التجار مع الجهات المختصة، سواء في العصر الحالي أو في الفترات التاريخية السابقة.
ولا تزال الكميات تُقاس بوحدة "النفر"، وهو وعاء يتسع لأقل من كيلوغرام واحد، وما زال هذا المقياس متبعاً حتى يومنا هذا".