الوطن لا هو أنت ولا أنا ولا نحن, هو بيتنا الذي سنفنى ويبقى لأولادنا وأحفادنا .. بيتنا الذي لو هُدم لن نجد لنا بيتا ولو فتح لنا العالَم بيته. نحن العابرون وهو الباقي, نحن الذين نشيخ وهو الطفل الذي لا يشيخ.
الوطن أعلى من الساسه والسياسة والاقتصاد والفكر وتياراته ومنابعه اي كانت ...
كثيرًا ما تربط الوطنية بمشوار النضال والكفاح حتى باتت تُختزل فيمن يحمل السلاح ويقاوم المحتل، ليتسع المفهوم مع اتساع آفاقنا وعقولنا، لنجد رموزًا وأعلامًا يناضلون ويجاهدون بأساليب متنوعة وطرق متعددة، فمنهم من يغرس العلم والمعرفة في عقول أطفالنا وشبابنا، ومنهم من يسهر على راحة الوطن وسلامته وأمنه، ومنهم ... ومنهم ...، كلٌّ بطريقته ومعرفته وطنيٌّ بامتياز مع مرتبة الانتماء الأولى لأرضه وأبناء شعبه وقيادته ....
لكن اليوم نبحث عن وطني بثوب جديد وحلة أكثر بهاء وإشراقًا، وطني يحمل هم الأرض والإنسان، وطني يحمل صدق الكلمة وعمق المعنى والفهم، وطني في قلمه وكتاباته، يحافظ على أصالته ورسالته، في زمن التواصل الاجتماعي، في زمن خلع الكاتبون رداء الإجادة والمهنية، فالمواقع أخرجت الكتابة من مضمونها ومعناها الجميل لتخرج بكلمات خارجة عن أصول الكتابة وأدبياتها، وربما أخلاقياتها أحيانًا.
أن نكون وطنيين في تفاصيل يومنا، وأن نكون عاقلين ، إن كتبنا، وأن نكون حكماء، إن قرأنا بذلك نكون راقين في حياتنا وسلوكنا، ولا تكون كالامعة أو وعاء نقل خاويًا، للأخبار حاملًا وللمعنى فاقدًا، فلننقل بوعي وفهم عميقين ما نستطيع ونقدر، وتجنب ما لا نعي ولا نفهم، ولا نكون بوقًا مرددًا كلمات ومعاني لا نفهمها أو لا نعي تفاصيلها.
إن إعلام الناس وتوجيههم نحو الحق والحقيقة نضال وكفاح وطني متقدم، والصبر على تعلمهم لا يقل أهمية في الظروف الطبيعية؛ فما بالكم في التصدي للتحديات وفي الأزمات؟!، فنحن أكثر حاجة لصدق الكلمة وعمق الانتماء، والتحلي بالمسئولية الكاملة تجاه قضايانا وهمومنا اليومية والوطنية.
فكن -صديقي- عنوانًا للنضال والكفاح، وسهمًا في كنانة الحق، مصوبًا نحو الهدف والحقيقة، راجمًا الباطل، قاتلًا للإشاعة والأكاذيب، فبلدنا في انتظارك وشبابنا يشتاقون لصدقك، في زمن أصبحت الحقيقة كنزًا، والصدق نادرًا، فهيا بنا -أصدقائي- لنكون عناوين مقاومة بقلمٍ مداده الحب والوفاء، والصدق والثناء لأرض جُبلت بدماءِ أجدادنا وَرُويت بعرقِ آبائنا، لنزرع شجيرة أمل يقطف ثمارها أحفادنا من بعدنا ، فلنكن وطنيًّين بحق....