نيروز الإخبارية : أكد مصنعون ومصدرون أن الأردن ودول الاتحاد الأوروبي لديهم الإمكانيات الكبيرة لتعزيز التعاون والتبادل التجاري، إلا أن العديد من الفرص التصديرية للمملكة قيمتها أكثر من 600 مليون دولار لا زالت غير مستغلة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الصادرات الأردنية إلى دول الاتحاد تواجه تحديات تتمثل بارتفاع تكاليف الإنتاج والطاقة، وعدم وجود دعم حكومي للمشاركة في المعارض الدولية، إضافة الى اختلاف وتعدد المعايير والمقاييس والمواصفات المطبقة داخل الاتحاد الأوروبي، وضعف القدرات التسويقية للشركات الأردنية المصدرة.
وأضافوا أن الاستفادة من الشراكات التجارية الأردنية مع الاتحاد الأوروبي تأتي من خلال تعزيز الجهود التسويقية للمنتجات الأردنية في دول الاتحاد، والتركيز على تنويع الصادرات الوطنية والتوسع نحو قطاعات جديدة، والعمل على تعزيز مهارات القوى العاملة وتدريبهم للمنافسة في السوق الأوروبي.
ودعوا لمنح السفارات الأردنية دورا أكبر في تسويق وترويج المنتجات الوطنية في الاتحاد، وتعزيز الاتفاقيات التجارية القائمة مع الاتحاد الأوروبي لتخفيض الرسوم الجمركية، وبناء علاقات تشابكية قوية دائمة مع المشترين الأوروبيين، وتوفير الدعم اللازم للمصدرين والمنتجين الأردنيين.
وبلغت قيمة الصادرات الوطنية إلى دول الاتحاد الأوروبي في النصف الأول من العام الحالي، 200 مليون دينار، فيما وصلت قيمة مستوردات المملكة من الاتحاد الأوروبي إلى 1.4 مليار دينار.
أما عن حجم التبادل التجاري، فقد وصلت بين الأردن ودول الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى 1.6 مليار دينار، مقابل 1.573 مليار دينار للفترة المماثلة من العام الماضي 2023.
الخضري : ضعف القدرات التسويقية للشركات الأردنية
وأكد رئيس جمعية المصدرين الأردنيين احمد الخضري، أن الصادرات الأردنية تواجه العديد من التحديات في الوصول لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، وتختلف طبيعة هذه التحديات حسب عدة عوامل أبرزها تحديات على المستوى الكلي للتجارة الخارجية، وتحديات حسب قطاعات صناعات بحد ذاتها.
وأضاف أن التحديات تتمثل في التشدد في تطبيق قواعد المنشأ التفصيلية المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، وطلب استخدام شهادة (EURO1) كمتطلب أساس وصعوبة تعبئة بياناتها، لعدم وجود توعية كافية فيما يتعلق بهذه الشهادة لدى عدد كبير من الشركات الصناعية خصوصاً الصغيرة والمتوسطة.
واشار إلى عدم قدرة الشركات الأردنية على الحصول على المعلومات الدقيقة التي تبين الفرص التصديرية في الأسواق الأوروبية من قبل العديد من المصدرين الأردنيين واستغلالها، لعدم القدرة على الإيفاء باشتراطات التعبئة والتغليف للخضار والفواكه والمواد الغذائية والاستهلاكية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الخضري أن الاتحاد الأوروبي يفرض شهادات صحية متشددة ومتطلبات متعلقة بالجودة على المنتجات الزراعية، إضافة إلى الإجراءات المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية ما يشكل عوائق غير جمركية أمام المصدرين الأردنيين، والاشتراطات البيئية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على المستوردات وخصوصاً البصمة الكربونية التي سيبدأ تطبيقها بحلول عام 2026 وفرضها بشكل كلي بداية من عام 2030، والتي تجبر الشركات المصدرة للاتحاد الأوروبي على ممارسات التصنيع الأخضر وخفض الانبعاثات.
وبين الخضري أن هناك تحديات تكمن كذلك في ضعف القدرات التسويقية للشركات الأردنية المصدرة، وعدم معرفة المصدرين الأردنيين بالقوانين والتشريعات الأوروبية النافذة، والمنافسة الحادة مع دول مجاورة للاتحاد الأوروبي تمتلك الخبرات المتراكمة في التعامل مع الأسواق الأوروبية مثل (قبرص، تركيا، المغرب العربي ودول أوروبا الشرقية سابقا)، وفرض قيود متشددة على تصدير بعض المنتجات الزراعية ومنتجاتها.
وقال إنه حسب خريطة الفرص التصديرية الصادرة عن مركز التجارة العالمي، فإن الأردن يمتلك فرصاً تصديرية غير مستغلة في الاتحاد الأوروبي بما يزيد عن 612 مليون دولار، مضيفا أن قطاع صناعة الألبسة الجاهزة يعد أكثر القطاعات الصناعية التي لديها فرص تصديرية غير مستغلة في السوق الأوروبي وخصوصاً صناعة (الجينز والبلوفر) بفرص غير مستغلة تصل لحوالي 55 مليون دولار، فيما تصل حجم الفرص غير المستغلة لمنتج (حمض فوسفوريك واحماض بولي فوسفوريك) لما يزيد على 49 مليون دولار.
وأضاف أنه يمكن اعتبار قطاع الصناعات الدوائية أكثر القطاعات الصناعية التي تمتلك فرصا للتطور في السوق الأوروبي بحجم فرص تصديرية غير مستغلة تزيد عن 21 مليون دولار، وذلك للتطور الكبير الذي يحققه القطاع سواء من ناحية متطلبات التصدير وشهادات مطابقة معتمدة وغيرها من المتطلبات.
وأشار الخضري إلى أنه على الرغم من مرور ما يقارب الثمانية أعوام على تعديل قرار تبسيط قواعد المنشأ بين الأردن والاتحاد الأوروبي إلا أن حجم استفادة المصدرين الأردنيين منه ما تزال متواضعة، حيث لم تتجاوز الصادرات الوطنية إلى الاتحاد الأوروبي 580 مليون دولار خلال العام الماضي 2023.
وبين أن هذه الصادرات لا تزيد على 5 بالمئة، من إجمالي الصادرات الوطنية الكلية خلال تلك الفترة، مشيرا إلى أن أكثر من نصفها تتركز في ثلاثة أسواق رئيسية فقط وهي؛ هولندا، واسبانيا، وبلجيكا، كما أن نصف هذه الصادرات هي في قطاعي الاسمدة والألبسة.
وأشار إلى أن هذا يدل على أن عددا قليلا من المنشآت الصناعية استطاعت الاستفادة من هذه الاتفاقية لوجود عدد من التحديات على رأسها؛ تحقيق المعايير والمتطلبات الفنية الأوروبية المفروضة على بعض المنتجات الأردنية.
وأكد أن تعزيز الصادرات الوطنية إلى الاتحاد الأوروبي، يتطلب تحسين قدرة المنتجات الوطنية على الاستفادة من الشراكات التجارية واستغلال الفرص التصديرية وتوفير نظام تتبع بقطاع الصناعات الغذائية، لتوضيح سلاسل القيمة التي يمر بها المنتج الوطني خلال العملية الإنتاجية من خلال شهادات موثوقة ومعتمدة.
وشدد الخضري على ضرورة التركيز على بناء علاقات تشابكية قوية دائمة مع المشترين الأوروبيين، وذلك من خلال تحسين مستوى التشبيك بين الصناعيين المحليين والمشترين الأوروبيين، والمشاركة في المعارض والأحداث التجارية الأوروبية، وتوفير الدعم اللازم للمصدرين والمنتجين الأردنيين.
القطان : تفعيل مهام الملحقين التجاريين لتسويق الأردن
من جانبه، قال أمين سر جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية (جيبا) المهندس فواز القطان، إن أبرز التحديات في زيادة الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي يعود لضعف منافسة المنتج المحلي بالسوق العالمية لارتفاع كلف الإنتاج وبخاصة الطاقة التي تشكل حوالي 30 بالمئة من كلفة المنتج وهي نسبة مرتفعة، مطالبا بمنح الموافقات للمنشآت الصناعية بإنتاج الطاقة المطلوبة للاستهلاك الصناعي.
وأضاف أن الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إعادة دراسة وتعديلات لمصلحة الأردن بما فيها القواعد الخاصة بتبسيط قواعد المنشأ والتعامل مع المنتجات الأردنية بشكل عادل فيما يخص الموافقات الفنية وكذلك اشتراطات العمالة من اللاجئين، إضافة إلى العمالة المدربة والتي تشكل تحديا مهما للصناعة والقطاعات الأخرى، وحصول المنشآت الصناعية على الشهادات المعتمدة للسوق الأوروبية وكذلك الشهادات الخاصة بالمنشأة سواء إدارية وفنية.
ولفت الى عدم وجود دعم حكومي للاشتراك بالمعارض الخارجية، ما يسهم بفتح الأسواق بالدول الأوروبية، إلى جانب تحديات متعلقة بالتمويل والدعم الحكومي للتصدير، وعدم استقرار القوانين والتعليمات والأنظمة الخاصة بالاستثمار لسنوات عديدة حتى يكون المستثمر قادرا على عمل دراسات الجدوى الاقتصادية الحقيقية.
وأكد أن تطوير الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي يتطلب إيجاد أعمال وجهود فاعلة للسفارات الأردنية بدول الاتحاد وتفعيل المهام للملحقين التجاريين لتسويق الأردن بجميع المجالات، والمشاركة الفاعلة مع القطاع الخاص بعمل المؤتمرات الاقتصادية ومنها المشاركة مع جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية (جيبا).
وبين المهندس القطان أن (جيبا)، تقوم بتنظيم المؤتمرات واستضافة الوفود الاقتصادية التجارية لترويج الأردن اقتصادياً من خلال اتفاقيات مع المناطق الاقتصادية المختلفة والتنموية، وكذلك إرسال الوفود الاقتصادية الى دول الاتحاد وتوقيع اتفاقيات تعاون مع الغرف التجارية والجهات المعنية، وكذلك تشجيع القطاع الخاص على الاستفادة من البرامج المقدمة من الاتحاد الأوروبي لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة وكذلك المنح المتوفرة التي لا يتم متابعتها بشكل يستفاد منه.
الرجبي: ارتفاع تكاليف الشحن العالمي وعدم استقرارها
من جهته، رأى صاحب شركة التقنية العربية للصناعات البلاستيكية (TOP) مجاهد الرجبي ان من أهم التحديات التي تواجه المصدرين عند التصدير إلى الاتحاد الأوروبي، تكاليف الشحن المرتفعة والمتغيرة حسب الأوضاع العالمية، إضافة إلى المخاطر المتعلقة بتأخير الشحنات او تلفها، والجودة والمعايير الاوروبية الصارمة المتعلقة بالجودة والسلامة والتعبئة والتغليف.
وقال "يجب أن تتوافق مع المعايير الاوروبية سواء من حيث المواد المستخدمة او التصميم، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن ما قد يجعل المنتجات الاردنية اقل تنافسية من حيث السعر مقارنة بالمنتجات المحلية او من دول أخرى".
وأضاف الرجبي ان هناك العديد من المجالات والقطاعات في الأردن لديها فرص للتوسع في السوق الأوروبية بمقدمتها المستحضرات الطبية والتجميلية التي تعتمد على مكونات طبيعية مثل البحر الميت والتي تلقى اقبالا كبيرا بالسوق الأوروبية، والمنتجات الزراعية كالتمور والزيتون والفواكه والخضروات، والصناعات البلاستيكية وأثاث الحدائق البلاستيكية.
وبين أنه يمكن تحسين قدرة الأردن على الاستفادة من الشراكات التجارية مع الاتحاد الأوروبي من خلال عدة استراتيجيات والتي تعزز من تنافسية المنتجات الاردنية منها؛ العمل على تحسين وتعزيز الاتفاقيات التجارية القائمة مع الاتحاد الأوروبي لتخفيض الرسوم الجمركية.
وأشار الرجبي كذلك الى أهمية تنظيم بعثات تجارية واستكشاف أسواق جديدة، واستخدام المنصات الرقمية للترويج للمنتجات الأردنية في أوروبا والمشاركة في المعارض الدولية، وتوفير حوافز مالية للشركات المصدرة إلى أوروبا مثل دعم تكاليف الشحن، إضافة إلى تحسين سلاسل الإمداد وتطويرها بما يضمن توصيل المنتجات الاردنية إلى أوروبا بسرعة وكفاءة وتقليل تكاليف الشحن.
من جانبها، قالت مالكة مصنع جمان للمستحضرات الصيدلانية ومواد التجميل الدكتورة رشا العيد، أن التحديات تكمن في ارتفاع تكاليف الشحن، واختلاف وتعدد المعايير والمقاييس والمواصفات المطبقة داخل الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن صناعة مواد التجميل ومنتجات البحر الميت لديها سوق واعدة ومميزة كما انها تمتلك العديد من الفرص التي يمكن استغلالها في الاتحاد.
وأكدت العيد أن تحسين وزيادة التبادل التجاري يتطلب المشاركة في المعارض الدولية لتسليط الضوء على المنتجات الأردنية، وتقديم الدعم والتنسيق اللازم من قبل الحكومة للمشاركة في هذه المعارض كونها تحتاج إلى تكاليف مرتفعة، ما يسهم بتعزيز التبادل بين الأردن والاتحاد الأوروبي.