من صحراء معان، أتى الشرف، ومن جبالها نشأت الكرامة والعزة والفخر. التضحية ليست مجرد كلمة تُقال في أوقات الأزمات، بل هي صرخة حق تتجاوز حدود الزمان والمكان لتلهم الأجيال وتكون تجسيدًا ساميًا لهذه القيم. إن التضحيات ليست مجرد رد فعل على موقف طارئ، بل هي جوهر الروح الإنسانية النبيلة التي تسعى لتحقيق أعلى القيم والمبادئ. في كل حضارة ومجتمع، تحمل التضحيات رسالة قوية عن القوة والشجاعة والإيثار، فتُجسد شجاعة عظيمة وإيمانًا راسخًا بالقيم السامية.
عندما يختار الأفراد أن يضحوا بأنفسهم من أجل قضية أكبر، فإنهم يقدمون درسًا في الإيثار والكرامة. هؤلاء الأفراد يدركون أن العطاء بلا حدود يمكن أن يكون له تأثير عميق وبعيد المدى، سواء على المجتمع الذي ينتمون إليه أو على الأجيال القادمة. في الأوقات العصيبة، عندما يتطلب الأمر مواجهة التحديات والمخاطر، يصبح الإيثار رمزًا للقوة الحقيقية التي تتجاوز المصالح الشخصية لتشمل هموم وآمال الآخرين.
لطالما كانت القضية الفلسطينية من القضايا المركزية في السياسة الأردنية، حيث تلعب الأردن دورًا حاسمًا في دعم الفلسطينيين. في الوقت الذي تشهد فيه غزة حربًا شرسة وإبادة جماعية، وسياسة التهجير والتنكيل بالشعب الفلسطيني، ويقف العالم المتخاذل متفرجًا، يتزايد دعم الصهاينة، ليصبحوا شركاء في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البشر والشجر. في ظل هذا الظلم، يأتي الرد المزلزل من معان الكرامة والشهامة، معان العز والرجولة.
في معان، حيث تُزهر الأصالة، تأتي الحويطات سيرةً تُعْنَسُ بالنقاء، هم أسودٌ في وجه الظلام المقيت، ومجدهم سطرٌ على صفحات الفداء. بطل من أبطال معان الأبية لم يتحمل قلبه رؤية المجازر، فقدم نفسه شهيدًا إلى جانب قوافل شهداء غزة، إلى جانب الصديقين والأبرار. أبطال الحويطات، في الشدائد أُسْدٌ على مر العصور، رموزُ الكرامة ومجدهم فخرٌ لكل أردني، وحكاياتهم تُحفَظُ في ذاكرة الزمان.
وداعًا أيها الشهيد البطل
صعدت روحك، أيها الغائب الحاضر، إلى ملكوت الأبرار، تاركًا خلفك ذكريات ملؤها الفخر والعز. في رحيلك، تجسد أسمى معاني البطولة والإيثار، فأنت البطل الذي نذر حياته لقضية أسمى، وجعلت من تضحيتك درسًا خالدًا في الشجاعة والإيمان. أعيننا تدمع، وقلوبنا مملوءة بالحزن، لكن عزاءنا أن رحيلك إلى مرتبة الشهداء، حيث الحياة الأبدية في رحاب الخلود. بدمائك الطاهرة كتبت أسمى آيات البطولة والإيثار، وتركت لنا دروسًا في الشجاعة والإيمان الذي لا يلين.
وداعًا، أيها الشهيد. كنت النجم الذي أضاء سماءنا، والرمز الذي استلهمنا منه القوة والعزم.
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته، وجعل مثواك الجنة، وبارك في روحك التي أضاءت دربنا ودرب الأجيال القادمة.