تواجه جبهة العمل الإسلامي في الأردن اتهامات متعددة من خصومها السياسيين، والتي تتراوح بين محاولاتها لتعطيل العمل الحكومي إلى التشكيك في نوايا السلطة. في ظل الظروف الراهنة، حيث يمر الأردن ومنطقة الشرق الأوسط بمرحلة حرجة وصعبة، يتساءل البعض عن سبب قصف جبهة العمل الإسلامي لجبهة الظانين بها، وما إذا كانت هذه الهجمات تعكس حقيقة مواقف الجبهة وأهدافها.
في هذا السياق، يتمنى البعض أن تحصل جبهة العمل الإسلامي على أكثر من نصف أعضاء المجلس للوصول إلى نسبة تعطل أي قرارات قد تتعارض مع مصالح الوطن العليا. يظهر أن الحكومة الأردنية وقيادتها السياسية ربما أرادت إرسال إشارة قوية من خلال السماح لجبهة العمل الإسلامي بالوصول إلى نسبة فاعلة وضاغطة في مجلس النواب، وذلك في محاولة لتحفيز جميع أطياف المجتمع على تحمل مسؤولياتها في مواجهة التحديات التي تواجه الوطن.
تشير الوضعية الحالية إلى تراجع ثقة المواطنين بالحكومات المتعاقبة، مما انعكس على نظرتهم لمجلس النواب، الذي أصبح في نظر الكثيرين جزءاً من المشكلة وليس الحل. تسعى الحكومة من خلال إشراك جبهة العمل الإسلامي في المجلس إلى إعادة بناء الثقة في المجلس وفي عمل الحكومة بشكل عام، وذلك لتصحيح صورة الحكومة في أذهان المواطنين.
على الرغم من ذلك، يعتقد البعض أن الحكومة لم تقم بمحاولة توجيه ضربة لجبهة العمل الإسلامي، بل على العكس، النتائج التي حققتها الجبهة في الانتخابات الأخيرة تعكس تنامي الفكر الذي تحمله، خاصة بعد مآلات الحرب على غزة. وقد حصلت الجبهة على ما يقارب نصف مليون صوت، ما يعكس حجم تأييدها في الشارع الأردني.
جبهة العمل الإسلامي تُعتبر من الأصوات المعارضة العقلانية، ومن الضروري في أي نظام ديمقراطي أن تكون هناك معارضة منظمة وقوية تعبر عن هموم الناس وتطلعاتهم. قمع الأصوات المعارضة أو محاولة شيطنتها هو بمثابة انتهاك لمبادئ الديمقراطية وقد يؤدي إلى تفشي الفساد وتمرير المخططات غير العادلة.
من جهة أخرى، ساهمت الحكومات المتعاقبة في تشويه صورة الإخوان في ذهنية المواطن الأردني، وأحياناً شيطنتهم، وذلك لأسباب تتعلق بالاعتبارات الجيوسياسية وصورة الإخوان عربياً وعالمياً. تعتقد الحكومات أن مواقف الجماعة تتسم بالغموض، وتحتاج إلى فهم أعمق لمواقفها ونواياها.
في النهاية، يجب أن ندرك أن المعارضة الحقيقية والواعية تعزز من استقرار الوطن وتعمل على تحفيز الإصلاحات والشفافية، بدلاً من تشويه سمعة الأطراف المعارضة ومحاولة إقصائها.