(لايوجد شريك للسلام في الطرف الآخر وعلى الضفة الأخرى ) لعلها من أكثر العبارات التي لا يرغب الكيان الصهيوني سماعها أو أن تصبح رسالة سياسية تتكرر موجهة له و تتصدر عناوين الصحف العالمية ويخشى أن يتردد صداها و مداها داخل المجتمع الدولي عامة و الغربي الأوروبي والأمريكي خاصة الداعم للكيان الصهيوني ، المتغاضي عن نهجه الأحلالي العنصري و ممارساته الوحشية اللإنسانية القمعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل
الممارسات التي كشفت زيف ادعاءات و نداءات تلك الدول بالحرية والعدالة و الديمقراطية و حقوق الأنسانية التي برعت بتسوقيها و التشدق بها و الترويج لها عبر منظمات المجتمع المدني ، بل قامت بإنشاء الهيئات الاممية ومحاكم العدل والجرائم الدولية و زودتها بأصدارات من القوانين و الانظمة التي تتلائم و شهادة المنشأ للبلدان التي تنطبق عليها شروط و مواصفات صناعة هذه المؤسسات كما يحدث مع منطقتنا العربية و بلدان القارة الأفريقية والتي بمجرد أن تقوم اي دولة فيها بالتصريح أو التنديد أو رفع شعار الدفاع عن نفسها و أستقلالها و حقوقها لأجل العيش بسلام و كرامة على الفور تبدأ الماكينة الإعلامية التي تسيطر الصهيونية على أغلب محطاتها بالعمل على توجيه الرأي العام الغربي برسم صورة مغايرة و مضللة للواقع و الوقائع وذلك حتى لا تنكشف الحقيقة و الحقائق و ظهور تلك الدول بمظهر المخالف للقيم و المباديء التي لطالما كانت تتغنى بها و تعمل بها داخل منظومتها المجتمعية ، لذا فهي تحرص على أن لا ينعكس ذلك ارتدادا على مجتمعاتها و يتشكل مواقف متضامنة مع تلك الشعوب التي يمارس عليها الظلم و الاضطهاد من تلك الدول .
هذه المقدمة هي لتفسير لما يحدث في حالة الملف الفلسطيني وقضيته و شعبه الذي يرزح تحت احتلال كيان صهيوني كولونيالي عنصري لأرضه منذ أكثر من ست و سبعون سنة كمثال واضح و فاضح لنموذج ممارسة ازدواجية المعايير التي تمارسها تلك الدول الداعمة لذلك الكيان ، ومن خلال أكثر من مئة و أربعة عشر حق للنقض ( الفيتو) لقرارات تخص القضية الفلسطينية من الجانب الأمريكي ، أجهضت جميع المحاولات لرسم معالم واضحة لمسارات الحل السلمي للصراع العربي الإسرائيلي المستندة على قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ٢٤٢ ، ٣٣٨ ، وأعترافها بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، و هو ما دفع إلى أكثر من سبع وعشرين دولة أوروبية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية و رسم قناعة جديدة لدى المستويات السياسية الرسمية والشعبية حول جوهر الصراع الحقيقي مغايرة لتلك التي كان يروج لها الكيان بل أثبت وأدان نفسه بالأدلة و البراهين والممارسات العنصرية و ممارسة سياسة الابرتهايد والإبادة الجماعية التي انتهجتها من بداية نشأة الكيان لتعكس العقلية السياسية الفكرية المتطرفة التي يغذيها خطاب ديني متشدد يستخدمه تيار سياسي في السيطرة على سدة السلطة و فرض سطوته على قرار الشارع أما بأدوات قدسية المشروع أو انتاج صناعة الخوف من الاخر عبر تسويق سرديات صراعات الأديان و الشرعية بتفوق العرق و نشر ثقافة معاداة السامية ، وما كل هذا ما هو إلا غلاف و قناع يخفي خلفه تقاطع مصالح و صراع لبسط السيطرة على مناطق النفوذ و مصادر الموارد و الثروات التي تلعب دورا أساسيا و رئيسيا في رسم السياسات و بناء و نمو و استمرار نهضة اقتصاديات تلك الدول و تفوقها .
لكل من يتمعن بواقع الخيارات التي طرحت أو فرضت على المنطقة على مدار تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي سنجد أن الخيار العسكري هو الخيار الأفضل والأمثل الذي كانت تميل له تلك الدول الداعمة للكيان بل تهيأ له جميع السبل والأسباب لترجيحه و إشعال المنطقة و إطالة أمد الحرب طالما أن كفة الميزان لدى الكيان هي الرابحة في ظل الدعم اللامحدود في العدة والعتاد ، بينما اذا ما ذهبنا الى لغة الأرقام والاحصاء بما يخص قرارات السلام ، فسنجد شتى أساليب المراوغة و المناورة و مختلف المبررات والعراقيل التي ستمنع من إعادة الحقوق لأهلها بالإضافة إلى أن هذا الخيار سيفقد الكيان الغاصب وظيفته و أهليته التي أوجدته تلك القوى في قلب المنطقة العربية والاقليم لأجلها، وأن القتل والدمار و الحروب تحقق المكاسب و أستنزافا لشعوب المنطقة ، أما خيار السلام فتكلفته باهظة إذ يعني تحقيقه مشروعا استراتيجيا غاية في الأهمية لاستقرار المنطقة و مشاريع النهضة والتنمية و اعلان وقف أطماع تمدد مشاريع الكيان التوسعية و الاستيطانية ومخططات التهجير و استهداف الديمغرافيا الفلسطينية .
ما دام خيار السلام أسير ، سنظل على درب الألآم في القدس نسير حتى تحرير الأرض والإنسان وتحديد المصير.