يعود ابو عوض للحارات و معه الجوازات ، و في اليوم التالي يذهب لمكتب بيان و المحشي لتسجيل اسمه و إسم زوجته في سِجِلّات الحجيج . و هناك يلتقي بأحد العاملين بالمكتب فيقول له : هاظا أني جبت الجوازات ، ترانا إتمرمطنا لما أخظناهن ، و بدي إتسجلوني اني و هالحُرمة عندكوا مشان نروح معاكوا للحج .
يقول له عامل المكتب : هات جوازات السفر خلّيني أعبي لكم الطلب . وبعد تعبئة الطلب يقول له : بدنا منك ميتين وخمسين نيرة عنّك وعن زوجتك .
ابو عوض مستغربا : وشوه ابوهِن هظول دخيلك ؟! يا إبن الحلال إهچِبنا وإحنا بندفع مصاري . هوه ما فيش عندكوا غير ادفع… . بدنا منَّك… ؟!
ابو عوض : دخيلك عمُّوه أبيش عندكوا مراعاة ؟. أي راعونا ، و الله الواحد وضعه مِهتلِس ومِن الطفر إبنِطحَن عالديچ عِري .
العامل : يا عمي هاي ما فيها مراعاة ، هاي مِثل طابع البول ، عليك و على غيرك لازم الكُل يدفعها .
ابو عوض يستسلم للأمر الواقع ، ويمد يده الى داخل دامره فيخرج من جيب قميصه الداخلي محفظة من الجلد مهترئة ، ويُخرِج منها مبلغا من المال ويعطيه للموظف قائلا له : هاك عمُّوه عِدّْهن مليح وخُظ اللي بلزمك ورجع لي الباقي ، ودير بالك تلطش منهن إشي تراني حاسبهن مليح قبل ما أجيك ، ومن ثم يسأل : دخيلك الأكل عليكوا ؟
العامل : يا حجي ترا الطاقية على قد الراس . المبلغ اللي انطيتناه ميتين وخمسين ليرة بالتمام والكمال ، وما فيش ولا ليرة زايدة .
أبو عوض : صحيح… ما أني عديتهن عشرين مرَّة قبل ما أجيك . ويعيد السؤال على الموظف بخصوص الأكل اثناء رحلة الحج عليكوا ؟
الموظف : يا عمي أكلك وشُربك و مصاريفك الشخصية على حسابك و ليست علينا .
ابو عوض : لعاد إبنوخظ مُونِتنا معانا . بس عمّوه بدي أوصيك تحجز لينا الكرسي اللي ورا السايق ، إبجنب الشُبَّاك لأنه ام عوض بِتدوخ اذا ما شمَّت هوا .
يذهب أقارب و جيران و معارف ابو عوض للسهر في بيته ، لأجل توديعه ، و منهم من قام بتنقيطه ، و منهم من وصّاه لأن يُسلِّم على الرسول و يدعو له عند الكعبة المشرَّفة ، و منهم من قام بإعطائه توجيهاته لكيفية آداء مناسك الحج ، من إحرام في آبار علي و الطواف و السعي بين الصفا و المروة ، و الوقوف بِعرفات و رمي الجمرات . وقال ابو عوض : لا تخافوا عليّ أنا قدّها و أقدود ، و غير هيك يا جماعة فيه معانا شيوخ مش راح إيدشرونا لحالنا ، راح إيظلوا معنا وين ما رُحنا .
لقد عانى ابو عوض وام عوض تعبا ومشقة ، خلال رحلتهم بالباص ، فالجلوس لفترات طويلة أتعب أجسادهم ، وحرارة الجو المرتفعة نهارا أرهقتهم وأعيتهم ، و لكنهم وصلوا بسلام الى مدينة الرسول ، ففيها اخذوا قسطا من الراحة بعد ان زاروا مسجد الرسول و صلّوا في روضته . و بعد يومين تابعوا الرحلة الى مكّة بعد أن أحرَم الرجال في آبار علي ، و في مكة أدوا العمرة ، و بعدها أدوا مناسك الحج ، و كانوا رغم المشقة و التعب و الإجهاد في غاية من السرور و الفرح ، فقد أدوا ما عليهم من فريضة ، و عادوا كما ولدتهم أمهاتهم .
بعد طواف الإفاضة تفرَّغ ابو عوض و ام عوض فتزودوا بماء زمزم ، وأشتروا عددا من الحرامات هدايا لاولادهم وبناتهم وللمقربين وخصوصا الذين نقَّطوهم . و اشتروا مسابح و كميات من التمر المختلف انواعه . و لم ينسوا شراء كاميرات العاب للصغار و خراخيش للبنات .
وبعد عودته عاده اقاربه وجيرانه ومعارفه لتهنأته بالحج ، وخلال حديثه كان يقول لهم بتعجُّب : والله يا عمي السعودية بتقدم كل إشي مليح للحجاج وما بتخليهم يحتاجوا إشي ، وبيني وبينكوا اللي بده إيحِج خطيته برقبتي ما إيحِج الا بالسعودية.