ينفذ مجموعة من الخبراء والمؤسسات العالمية المختصة مبادرة نوعية داخل الأردن تحت مسمى "مشروع المركز العالمي لتغير المناخ أنظمة المياه والطاقة والغذاء والصحة (GC3WEFH) " وذلك سعيا لمواجهة التحديات المناخية والبيئية وإشراك المجتمعات في هذا الدور.
ويُعتبر المركز واحدًا من المبادرات الرائدة التي تهدف إلى مواجهة تحديات تغير المناخ وتأثيراته السلبية على القطاعات الحيوية في الأردن، حيث تأسس كمشروع يجمع بين الجهود المحلية الأردنية والدولية لتقديم حلول مبتكرة تهدف إلى تحسين أوضاع المجتمعات المتأثرة، خصوصًا تلك المتواجدة في المناطق الريفية ومخيمات اللاجئين.
ويعد مشروع المركز نموذجًا في كيفية التعامل مع التحديات المناخية بطرق شاملة ومستدامة، من خلال شراكات متعددة ومبادرات نوعية تسهم في تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات الأكثر احتياجًا مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تسعى إليها الدولة الأردنية، حيث خصصت الجهات الداعمة لغايات تنفيذ هذا المشروع مبلغ يقدر بنحو 3 ملايين و 800 ألف دولار.
وقال المشرف العام على المشروع أستاذ الصحة العامة في جامعة كاليفورنيا الدكتور وائل الدليمي، لوكالة الأنباء الأردنية(بترا)، إن المشروع سيستمر على مدار ثلاث سنوات بتمويل من المعهد الوطني للصحة الأميركي، ويشمل شراكات مع جامعات عالمية مرموقة، مثل جامعة كاليفورنيا سان دييغو، وجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، وجامعة تكساس إيه أند إم، إلى جانب جامعات أردنية رائدة مثل الجامعة الأردنية والجامعة الهاشمية.
وأضاف، أن المشروع يعتمد في تحقيق أهدافه على التعاون مع جهات محلية بارزة، مثل شبكة العمل المناخي في الأردن والجمعية العلمية الملكية ووزارة المياه والري، مؤكدا أن هذا التعاون الدولي والمحلي يسهم في تعزيز الأبحاث العلمية وتطوير استراتيجيات مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية.
وبين الدليمي، أن مشروع المركز يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية تتضمن بناء شبكة من الباحثين والمؤسسات التي تعمل بشكل تكاملي على مواجهة التحديات المناخية، وتعزز تبادل المعرفة والخبرات العلمية وتساهم في تطوير أدوات تحليلية متقدمة لدراسة العلاقات المتشابكة بين المياه والطاقة والغذاء والصحة، إلى جانب إعداد قاعدة بيانات شاملة تشتمل على معلومات دقيقة تُستخدم في دعم عمليات صنع القرار المستند إلى الأدلة، مما يسهم بشكل كبير في تحقيق تنمية مستدامة تدعم رفاهية المجتمعات المحلية وتعزز التوجهات التنموية الإقليمية.
وأشار إلى أن المشروع وفي إطار توسيع نطاق تأثيره العلمي والمجتمعي ينوي تنظيم مؤتمر دولي بالتعاون مع مشروع جيو هب في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية يجمع باحثين وناشطين في مجال التغير المناخي والقطاعات المرتبطة به، من مختلف دول العالم، مما يتيح فرصة لتبادل الأفكار والممارسات الناجحة وبناء شبكات تعاون عالمية.
من جانبها، بينت ضابط أتصال المشروع المهندسة الهام الشرفات، أن من بين المشاريع الرئيسية التي يعمل عليها المركز حاليا تحسين جودة المياه باستخدام تقنيات الطاقة الشمسية في تحلية المياه الذي يُنفذ في قضاء الخالدية بمحافظة المفرق، حيث يركز هذا المشروع على تعزيز الصحة العامة عن طريق توفير مياه شرب نظيفة وآمنة للمجتمعات المحلية، ومشروع الزعتري، الذي يهدف إلى معالجة المياه الرمادية في المخيمات وتحويلها إلى مورد صالح للاستخدام في الري الزراعي، مما يساعد في تحسين البيئة والظروف المعيشية للاجئين.
وأضافت، أن المشروع يولي اهتمامًا كبيرًا لإشراك المجتمعات المحلية واللاجئين في تصميم وتنفيذ الحلول، ومن أبرز المبادرات في هذا الشأن، إنشاء مجلس استشاري مجتمعي يضم أشخاصا مختصين من المجتمعات المحلية حيث يعمل المجلس على تقديم المشورة والمساهمة في تحسين المشاريع وضمان فعاليتها.
وافادت الشرفات، أن المركز سيقدم دعمًا مباشرًا لمؤسسات المجتمع المدني عبر منح سنوية تهدف إلى تمكين هذه المؤسسات من تنفيذ مشاريع بيئية ومناخية مبتكرة وبقيمة اجمالية تبلغ نحو 200 الف دولار، إيمانا بدور مؤسسات المجتمع المدني في إحداث التغيير المناخي والبيئي وتحقيق التنمية المستدامة.
يشار إلى أن المركز العالمي لتغير المناخ يسعى ليصبح نموذجًا عالميًا يحتذى به في كيفية التعامل مع التحديات البيئية بطريقة مبتكرة ومستدامة وقد تم اختيار الأردن لتنفيذ هذه المبادرة النموذجية استنادا إلى وجود عوامل متعددة ومؤشرات تساعد في إنجاح هذه المبادرة ومنها الخبرات البشرية والجغرافية والتعاون المؤسسي والمجتمعي، ومكانة الأردن كدولة رائدة في الأبحاث المناخية والابتكار البيئي .