لارباب المال والكراسي الوثيرة ملاذاتهم الامنة في جزر اعالي البحار ؛ ولي ملاذاتي الامنة في ربوع الوطن وحواضره واريافه وبواديه وعلى جنبات جبل قيس .
ام القطين بلدة تتمدد مابين الدفيانة والمكيفتة وما بين الحد السوري وطريق بغداد ، تاريخها يغرف من عهود سحيقة تعود جذور الاستيطان فيها الى العصرين الحجري والنحاسي وتتجلى في عهد الانباط وروما ، فلا زال نقش الملك النبطي " رابيل " تتباهى به المتاحف ، ولا زالت البرك الرومانية المرصوفة بالحجر البازلتي الاسود تستقبل المياه الموسمية ، ولا زالت الكنائس البيزنطية السبع ومنها كنائس ذات سبع قناطر صامدة رغم تعاقب الزلازل في غابر الزمان .
ام القطين المدينة التي لا زال جل تاريخها تحت الثرى ينتظر ارادة حكومية ان تمسح عن وجهه العتيق غبار الزلازل ، ام القطين مدينة الابراج العالية التي كانت في سالف الايام تعانق شموخ " قعيس ومقاعس " ، ومدينة المقاعد الحجرية النادرة الانيقة التي لا مثيل لها الا كراسي جدارا الحجرية .
ام القطين ؛ الارض ذات الاحراش الكثيفة التي جارت عليها غوائل التصحر واعوام القحط ؛ تحكي الرواية المشهورة قصة الاعمى الذي قدم راكبا على دابته وعندما وصل ام القطين خفض رأسه ، وعندما سأله من معه عن السبب ، اجاب : خوفاً من ان يصطدم رأسه باشجارها الكثيفة .
لام القطين اكثر من اسم عبر تاريخها الطويل ، فهي تارة تاتا وتارة اخرى الضبيعية لكثرة الضباع في المكان ، وتارة ثالثة جفنة على اسم امرأة غسانية سكنت في المكان ، اما القطين: فهو التين المجفف ، والقطين ايضا : الساكن الدار او المقيمون في الموضع لا يكادون يبرحون ، وقطين الله : سكان حرمه ، والقطون : الاقامة .
والغالبية العظمى لسكان ام القطين ، عشيرة العظامات "حماية الجربا " من عشائر اهل الجبل " وسّامة البلها " لهم سجل بطولة حافل في الدفاع عن الوطن وشرف الامة وسوريا تشهد وفلسطين تشهد والكرامة التي سحقت خرافة الجيش الذي لا يقهر تشهد :
" متعاظمين الراي في كل ديرة الهم واحد بالفضا والعواسر
واللي نخاهم بالليالي العسيرة يلقى بهم ملفى وطيب البشاير
ولجارهم فزعة وعزوة وجيرة ما يتركون اللي من الوقت جاير
همّا هل الجربا جموع غفيرة وسّامة الباهل وما هم سماسر " .
ام القطين بلدة قدت من جبل العرب هي واترابها من مجرة قرى اهل الجبل .
ام القطين حاضرة متينة الجذور والجذع والاغصان ، تنهل من تاريخ ثر وسحيق وتتكىء على جبلي" قعيس ومقاعس" شواهد تاريخها العظيم ، وناظريها بعيدي المدى ، تسرح ناظريها في الجنوب حيث جزيرة العرب وفي الشمال حيث شام الامة وفي الشرق حيث العراق جمجمة الامة وفي الغرب حيث عمان حاضنة العرب .
" يا هبوب النار يا هبات قلبي يوم ضاعت ديرتي بعد السراب