كتاب "فلسطين في النثر العربي" من تأليف رشيد عبد الرحمن النجاب يتنقل بنا بين عدد من الكتَّاب الأعلام الفلسطينيين -أو العرب الذين اهتموا بالكتابة عن فلسطين- أولئك الذين وصفت كتاباتهم الواقع الفلسطيني رسمًا بالكلمات.
ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 166 صفحة من القطع المتوسط، ويضم (24) مقالًا حول كتب إبداعية قرأها النجَّاب وتفاعل معها.
يقول الدكتور محمد عبيد الله في المقدمة التي كتبها لهذا الكتاب: " تمثل هذه القراءات الأدبية المتنوعة التي جمعها مؤلّفها الصديق رشيد عبد الرحمن النجاب في كتاب واحد لونًا طيّبًا من التأليف الأدبي، ينطوي هذا اللون على بعض خيوط تجربة القراءة بما هي تجربة ذاتية عميقة، تستدعي التفاعل بين النص والقارئ، فيغدو النص ملكًا للقارئ وجزءًا من عالمه، وتتجلَّى بعض جوانب الجمال في مقدرة النصوص الأدبية المتفوِّقة على اتساع دلالتها ومداها لتعبر عن كاتب النص أولًا، ولكنها لا تنغلق على هذه الدائرة، بل تتعدَّاها للتعبير عن الآخرين، وهو ما يظهر في تجارب القراء والنقاد إذ يكتشفون جزءًا من أنفسهم وتجاربهم في الكتب التي يطالعونها، ونجد علامات على هذا الجانب الحميم من تجربة القراءة في كتاب الأديب رشيد النجاب، خصوصًا عندما يعرّج أثناء قراءاته على بعض تجاربه، وعلى تسجيل بعض التداعيات التي تمثل ضربًا من المشاركة والتفاعل الرفيع بين القارئ والنص الأدبي".
ويصف الدكتور محمد عبيد الله في مقدمته قراءات النجاب قائلًا: "قراءات رشيد في كل حال قراءات رحيمة بالكتب التي اختارها، بعيدة عن القسوة أو الحدّة، ويمكن أن نصفه بأنه قارئ مثالي أو قارئ عُمدة، إذا شئنا استعمال بعض تسميات القارئ المتمكّن وفق مصطلحات النقد الحديث، يبدأ باختيار العمل الأدبي الذي يتفق مع ميوله وتجاربه، ثم يبدأ بالقراءة الحقّة بما فيها من تركيز ومن إعادة لبعض الفصول والفقرات المهمة، ويسجل ما يستوقفه في مادة الكتاب بما يبرز خصوصيته على مستوى المضمون أو الأفكار الأساسية التي يعبر عنها الكاتب، وينتبه أيضًا للقضايا الفنية المهمة التي تسهم إسهامًا فاعلًا في بناء الكتاب وفي إيصال المضمون المؤثر".
ويرى الدكتور محمد عبيد الله أن العامل المشترك بين تلك القراءات هو تعبيرها عن الهموم الفلسطينية، وإن كان ذلك بطرق مختلفة، مشيرًا إلى أن النجاب لم يكتفِ بقراءاته حول سير ذاتية، وإنما كذلك أصناف أدبية أخرى، ذكر منها أدب الرحلة، وكتابات بعض الأسرى الفلسطينيين، وبعض الروايات الفلسطينية أو العربية التي لها صلة بأحداث فلسطينية مهمة.
ويذكر كاتب تلك المقالات رشيد عبد الرحمن النجاب مراحل جمعه لهذا الكتاب، ومن أين جاءته فكرة جمع تلك المقالات، مشيرًا إلى "وباء الكورونا" الذي اجتاح العالم في العام 2020، حتى جعل الناس يلتفون حول أجهزتهم الإلكترونية، ويسيحون في العالم عبر الإنترنت، فيقول النجاب حول تلك الفترة: "رأيت أن أستثمر الوقت في مرحلة التقاعد بتكريس علاقتي بالقراءة والكتابة، وأسهم في تكريس هذا التوجه الحظر الذي شهده العالم بداعي "وباء كورونا" في مطلع العشرينيات من هذا القرن حيث بدأت مرحلة جديدة تضمَّنت نقلة نوعية، فقد أتاح الحظر الطويل سيما في الأسابيع الثلاثة الأولى أوقاتًا طويلة للقراءة والكتابة، وحدث أن قرأت كتاب "على دروب الأندلس"، للكاتب والشاعر د. سميح مسعود، وهو من أدب الرحلات، ثم عبرت كتابةً عن استمتاعي بتتبُّعي لرحلة الكاتب في أرجاء الأندلس بما ضمَّته من معلومات ثقافية غزيرة، وما أشارت إليه من أبعاد حضارية تاريخية، وكان أن تواصلت معه وأطلعته على المقالة إضافةً إلى مقالات أخرى مما سبق أن كتبت، فرأى أن هذه المادة حَرِيَّة بالنشر، وتواصلت من خلاله مع مسؤولي الصفحات الثقافية؛ مثل الأستاذ جعفر العقيلي في جريدة الرأي، والأستاذ هشام نفاع في جريدة الاتحاد الحيفاوية، وغيرهما، وهكذا بدأ عهد جديد".
ويتابع النجاب في المقدمة: «ويبدو الحديث عن هذه المجموعة من الأساتذة ناقصًا دون الإشادة بالدور المهم للكاتب المقدسي الأستاذ محمود شقير، أستاذي ومرشدي الذي يتابع مشكورًا ما أكتبه وبكثير من الاهتمام، وهو من أضاء فكرة الانتقال من المقالة إلى الكتاب، فكان أن صدرت رواية "الخروبة"».
ورواية الخروبة هي سيرة روائية تؤرخ لفترة الحكم العثماني، وبطلها جد الكاتب.
ومن الجدير بالذكر أن الكاتب رشيد عبد الرحمن النجاب قد أفرد الفصل الأخير من كتابه متحدثًا عن رواية "أنا يوسف يا أبي" للدكتور باسم الزعبي، قائلًا: "تتميَّز "النصوص الموازية" بالنسبة لهذا العمل بالفرادة في ترابطها في ما بينها من ناحية، وصلتها مجتمعة ومنفردة بالسياق العام للسرد من ناحية أخرى، وللتوضيح فلا بد من الإشارة إلى علاقة هذا العمل بقصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بعنوان "أحد عشر كوكبًا"، والتي يتردَّد فيها قول "أنا يوسف يا أبي" أكثر من مرة.
يذكر أن رشيد عبد الرحمن النجاب كاتب أردني، حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلانية من جامعة المنصورة – جمهورية مصر العربية – 1978، رئيس اللجنة العلمية ولجنة التعليم الصيدلاني المستمر في نقابة الصيادلة سابقا، ومدير تحرير مجلة الصيدلي في نقابة صيادلة الأردن (1980-1982)، يكتب في جريدة الرأي الأردنية وجريدة الدستور الأردنية وجريدة الأيام الفلسطينية.