لم تكن أحداث مدينة الرمثا يوم أمس مجرّد حالة أمنية عابرة، بل شكّلت محطة مهمة أعادت تسليط الضوء على حجم التحديات التي يواجهها الأردن في ظل بيئة إقليمية مشحونة بالاضطرابات، ومحاولات بعض القوى المتطرفة اختراق النسيج الوطني والعبث بالسلم المجتمعي. ففي منطقة يغلي محيطها بالتوترات، يبرز الأردن كدولة ثابتة الجذور، استطاعت عبر السنوات أن تتجاوز العواصف بوعي شعبها ويقظة مؤسساتها الأمنية والعسكرية.
شهدت الرمثا أحداثًا استثنائية كشفت عن خطورة المرحلة وتعقيدات المشهد الإقليمي.
فالقوى المتطرفة، سواء تلك التي تستغل الاحتقان أو تسعى لنشر الفكر التكفيري، وجدت في اضطراب المنطقة فرصة لمحاولة بث الفوضى داخل المجتمعات المستقرة.
لكن الرسالة التي صدحت بها الرمثا كانت واضحة:
الأردن أقوى من أن تهزه محاولات التخريب، والشعب الأردني أكثر وعيًا من أن ينجر خلف عبث أو تحريض.
إن سيادة الدولة وأمنها واستقرارها ليست موضوعًا للنقاش ولا مساحة للجدل.
فالأردنيون، قيادةً وشعبًا، متفقون على أن أمن الوطن خط أحمر، وأن استقراره هو الركيزة الأولى لحماية مكتسباته وإنجازاته.
لذلك جاء التعامل الأمني مع الأحداث بحكمة واقتدار:
صرامة في فرض سيادة القانون، ووعي في منع امتداد الفوضى، وحِرص على حماية الأرواح والممتلكات.
لا يمكن الحديث عن استقرار الأردن دون الإشادة بعيون الوطن الساهرة:
الجيش العربي الذي يشكّل الحصن المنيع في مواجهة أي تهديد خارجي أو داخلي.
دائرة المخابرات العامة، فرسان الحق، الذين يمسكون بخيوط المشهد الأمني ويحبطون المؤامرات في مهدها.
جهاز الأمن العام الذي كان وما زال رأس الحربة في الحفاظ على الأمن الداخلي وفرض هيبة الدولة.
ما جرى يوم أمس في الرمثا أكد أن هذه المؤسسات تعمل بتناغم واحتراف، وأنها قادرة على السيطرة على أي محاولة تهدد السلم الوطني، مهما كانت طبيعتها.
الأمن ليس مسؤولية الدولة وحدها، بل واجب كل فرد. فالتماسك الشعبي ورفض الفوضى وتعظيم القيم الوطنية هي عناصر أساسية في حماية الأردن من خطر الانزلاق نحو ما شهدته دول مجاورة. الرمثا قدمت مثالًا على أن الشعب الأردني، رغم اختلافاته وتنوعه، يلتف حول الدولة حين تتعرض لأي تهديد.
ختامًا، أثبتت أحداث الرمثا أن الأردن ما يزال قويًا بوعيه ومؤسساته، وأنه قادر على مواجهة محاولات الاختراق والتشويش مهما تعقّدت الظروف. فالاستقرار ليس شعارًا يُرفع، بل هو عمل يومي، وتضحيات رجال، وصبر شعب.
وإن كان يوم أمس استثنائيًا، فإن الاستثناء الحقيقي كان في قدرة الدولة على حماية الاستقرار بسرعة وكفاءة، وفي التفاف الأردنيين حول الوطن وقيادته وأجهزته الأمنية.