الوطني الإسلامي يفتح ملف الموازنة العامة بأسئلة جريئة ويضع الحكومة أمام اختبار الإصلاح
الحقيقي
نيروز
– محمد محسن عبيدات
في خطوة
تعكس جدّية الحزب الوطني الإسلامي في متابعة الشأن الاقتصادي الوطني، عقد المكتب السياسي
للحزب اجتماعًا موسعًا خُصص بالكامل لقراءة مشروع الموازنة العامة وتحليل محاورها العريضة
وتفاصيلها الدقيقة، وذلك بمشاركة نخبة من الخبراء الاقتصاديين ونواب الحزب.
وشارك
في الجلسة كل من الأستاذ الدكتور رعد التل من الجامعة الأردنية، والأستاذ الدكتور عبد
الفتاح العبداللات من جامعة العلوم الإسلامية العالمية، حيث قدّما قراءة علمية معمقة
للأرقام المتوقعة، وتفسيرًا لمؤشرات الإنفاق والإيرادات، وما تحمله الموازنة من فرص
وتحديات.
العماوي:
موازنة حساسة في مرحلة دقيقة… والإصلاح الحقيقي يبدأ من هنا
وأكد الأمين
العام للحزب، النائب الدكتور مصطفى العماوي، أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكة
تفرض على الحكومة إعداد موازنة ذات كفاءة عالية، موضحًا أن الموازنة باعتبارها "المشروع
الأهم للدولة” يفترض أن تشكل خارطة طريق واضحة نحو الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي
والإداري.
وقال العماوي
إن المطلوب ليس مجرد أرقام على ورق، بل قدرة فعلية للموازنة على تحسين جودة الخدمات
العامة، وتقليص الفجوة بين حجم الإنفاق وما يتحقق على أرض الواقع.
أسئلة
مفصلية… وملفات تُفتح لأول مرة بهذا الوضوح
الاجتماع،
الذي اتسم بالصراحة والعمق، وضع على طاولة النقاش مجموعة من الأسئلة الجريئة، أبرزها:
لماذا
لا يُوجّه الاقتراض نحو مشاريع إنتاجية مولّدة لفرص العمل؟
وما الجدوى
من وزارة الاستثمار في ظل تنامي الحوافز وبقاء حجم الاستثمار متواضعًا؟
أين موقع
رؤية التحديث الاقتصادي في بنود الموازنة؟
وما أسباب
استمرار وجود بعض الهيئات المستقلة رغم وجود وزارات تقوم بالغرض ذاته؟
كما ناقش
المشاركون العلاقة المختلة بين معدلات الإنفاق الاقتصادي ومخرجات سوق العمل، وغياب
الرابط الواضح بين التمويل العام وحجم النمو الفعلي.
انتقادات
صريحة: موازنة 2026 بلا تنمية… وبحاجة إلى إعادة ضبط البوصلة
ورأى الخبراء
أن مشروع موازنة العام 2026 يفتقر إلى مضمون تنموي حقيقي، مؤكدين الحاجة إلى إعادة
النظر في مواقع الصرف وأولويات الاستثمار الوطني. وطالب الحضور بـ:
ربط دائرة
الموازنة العامة بوزارة التخطيط بدلًا من وزارة المالية، تعزيزًا للشفافية والحاكمية
الرشيدة.
إنشاء
شركة مساهمة وطنية تسهم في زيادة الناتج المحلي.
تأسيس
شركة لإدارة الاستثمارات الحكومية أو صندوق سيادي وطني يرفد رؤية التحديث الاقتصادي.
وأكد المجتمعون
أن العجز المتزايد، والذي بلغ 2.2 مليار دينار، يتطلب استراتيجية شاملة لإدارة الدين
العام، بدلًا من الاكتفاء بسياسات قصيرة الأمد.
غياب الفريق
الاقتصادي عن المشهد… سؤال يطرحه الشارع ويردده الخبراء
وفي جانب
مهم من النقاش، عبّر المشاركون عن استغرابهم من غياب الفريق الاقتصادي الحكومي عن الإعلام،
في وقت يحتاج فيه المواطن الأردني إلى من يشرح له بوضوح أسباب الاختلالات المتراكمة
في الموازنات العامة، وتأثيراتها على حياته اليومية وسوق العمل والخدمات العامة.
وأكد الحضور أن المرحلة المقبلة تتطلب خطابًا اقتصاديًا واضحًا، وإجابات مقنعة، وتحديدًا من صُنّاع القرار الاقتصادي، لتقوية الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية.
اجتماع
الحزب الوطني الإسلامي لم يكن بروتوكوليًا، بل جلسة تقييم وطنية حقيقية لمشروع الموازنة
العامة، بأسئلة جريئة ورؤى إصلاحية واضحة.
وخرج اللقاء
بتوصيات تحمل مضمونًا عمليًا؛ هدفها الأساسي تحقيق موازنة أكثر كفاءة، وأكثر قدرة على
خلق التنمية، وأقرب إلى تطلعات الأردنيين.