كأنه جزء من الذاكرة الأردنية اللي ما بتعرف تنسى. يمكن لأنه مش مجرد رئيس وزراء مر على الكرسي، ولا مجرد شخصية سياسية كانت جزء من مرحلة وصفي كان حالة مختلفة، حالة بتشبه الرجال اللي ندر وجودهم، وبتضل حاضرة مهما ابتعد الزمن.
في بلد اعتاد يسمع وعود كثيرة، وصفي كان من النوع اللي يترك أثر من دون ما يرفع صوته. كان يقول كلمته بوضوح، ما يجامل، وما يساوم على موقف.
يمكن لهذا السبب تحديدًا، ظلّ حاضر رغم كل السنين.
لأن الناس، مهما اختلفت ظروفها، بترجع توقّع احترامها عند الشخص اللي عاش ومات وهو ثابت على مبدأه.
وصفي التل كان يمشي بدرب مش مأمون، درب عارف إنه مليان خصوم، ومليان تحديات، ومليان مواقف راح تجر عليه غضب البعض.
ومع هيك، ما غيّر طريقه، وما حاول يلتفّ حول الحقيقة. يمكن هون السرّ اللي خلاه يوصل لقلوب الناس لأنه كان صادق، والصدق غالي.
في الذكرى الـ54 لاستشهاده، بتلاقي الكل لسه يردد اسمه: ناس عاشوا أيامه، وناس ما لحقوا عليه، وناس ما عرفوه إلا من قصص أهاليهم، بس كلهم متفقين على شغلة واحدة: إنه كان رجل، بمعنى الكلمة.
يمكن البلد تغيّرت كثير، والظروف صارت غير الظروف، بس في أشخاص ما بتتغير مكانتهم مهما مر الزمن.
وصفي واحد منهم. لأنه ترك أثر مش بمشهد سياسي، بل بوجدان شعب كامل.
الذكرى هون مش مجرد تاريخ أو حادثة الذكرى شعور متجدد. شعور إنه في يوم ما كان في قائد نظيف، واضح، ثابت، ومخلص لقضيته ولبلده وإنه رغم مرور 54 سنة، ما زال يعيش بين الناس بصوته، ومواقفه، وما تركه من معنى