في وطنٍ رسّخ جذوره في الأرض ورفع اسمه بين الأمم، تتجلّى أسمى معاني الوحدة الوطنية في التعايش العميق بين أبنائه من المسلمين والمسيحيين؛ حيث تتشابك القيم وتتوحّد القلوب تحت مظلة دولةٍ جعلت من المحبة والعدل والكرامة منهجًا ثابتًا لا يتغير.
إنّ خصوصيّة الأردن ليست حدثًا عابرًا ولا واقعًا وُلد صدفة، بل هي ثمرة قيادة هاشمية حكيمة يقود مسيرتها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، الذي جعل من التآخي قيمة راسخة في ضمير الدولة، ومن احترام الأديان رسالة وطنية تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل. فالأردن لم يكن يومًا وطنًا لفئة دون أخرى، بل هو بيتٌ جامع، وأرضٌ تتسع للجميع، تحكمه القيم النبيلة وتجمعه الإنسانية.
ومع حلول الأعياد المسيحية، يثبت الأردنيون – مسلمون ومسيحيون – أنهم أبناء قلبٍ واحد، يفرحون معًا ويحتفلون معًا، وتتعانق على أرضهم أجراس الكنائس مع صوت الأذان في مشهدٍ أخّاذ يُجسّد جوهر الهوية الأردنية وروحها الأصيلة. ففي هذا الحمى الهاشمي، لا تُقاس الأعياد بالتقويم فقط، بل تُقاس بعمق المحبة وبحجم السلام الذي يعمّ النفوس.
ولطالما كانت جلالة الملكة رانيا العبدالله المعظمة صوتًا إنسانيًا مضيئًا يعكس صورة الأردن الحضارية للعالم، ويُبرز ما يتميّز به من احترام للآخر وانفتاح على مختلف المكونات. فهي تؤكد دائمًا أن الأردن نموذجٌ للعيش المشترك، وأن الأسرة الأردنية الواحدة هي سرّ قوته وصلابته.
أما سمو ولي العهد، الأمير حسين بن عبدالله الثاني، فقد حمل الراية الهاشمية بروح الشباب وعقل المستقبل، مؤكّدًا في كل مناسبة أن التعايش ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية وثقافة وطنية وإرثٌ ممتد يعيد إنتاج ذاته في كل جيل. وبوضوح رؤيته وحداثة فكره، عزّز سموه ثقة الشباب بدورهم في صون الهوية الوطنية وبناء دولة أكثر قوة وتقدّمًا.
إن فرادة الأردن ليست في موقعه الجغرافي أو حجمه الديمغرافي، بل في صلابته الأخلاقية، وفي النموذج العالمي الذي يقدّمه في التعايش، وفي قيادته الهاشمية التي جعلت احترام الإنسان أساسًا لنهضة الدولة. ففي زمن تتشظّى فيه مجتمعات من حولنا، يثبت الأردن أن الوحدة يمكن أن تكون حقيقة حيّة، وأن التعددية مصدر قوة لا سببًا للخلاف.
وحين تضيء شوارع المملكة احتفالًا بالأعياد المسيحية، فهي لا تضيء طقسًا دينيًا فحسب، بل تضيء قصة وطنٍ جمع أبناءه تحت راية واحدة وقيادة واحدة وهوية واحدة لا تتبدّل. هنا في الأردن، الفرح واحد، والمصير واحد، والحلم واحد… وطنٌ يعيش فيه الجميع بأمان، ويحميه الهاشميون بحكمتهم، ويصونه الشعب بولائه ووفائه.
إنها رسالة الأردن الخالدة…
رسالة وحدةٍ لا تنكسر، ومحبةٍ لا تُقاس، وتعايشٍ يصنعه شعبٌ آمن بقيادته وآمنت قيادته به.
ومع احتفال المملكة بالأعياد المسيحية، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لإخواننا المسيحيين بهذه المناسبة المجيدة، سائلين الله أن يعيدها عليهم وعلى الوطن بالخير والسلام والمحبة
حفظ الله الأردن وقيادته الهاشمية، وجيشه العربي المصطفوي، وأجهزته الأمنية الباسلة… صمام أمان الأمة، حصن العزّة المنيع، ودرع الوطن الخالد في وجه كل عاصفة.