نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية:
النصر في معركة الكرامة
بقلم الفريق الركن المتقاعد المظلي علي سلامة الخالدي
النصر في معركة الكرامة هو نتيجة حتمية للعقيدة القتالية التي تعتنقها القوات المسلحة الأردنية، التي تؤمن ان إسرائيل دولة احتلال، ونموذج دولي للصلف والغرور والغطرسة، ويعتبر النصر ايضا تجسيدا للقيم العسكرية الزاهية للجيش العربي، كالشجاعة، والصبر، والمرؤة والنخوة، انها معركة تبعث على الفخر، وتدعوا الاعتزاز وتثير الإعجاب، هي إنجاز الجنود والقادة الأردنيين الذين امتلأت دواخلهم عيضاً، جرحت مشاعرهم هزيمة حزيران، فكان الشوق للقتال كبيرا، للثأر والانتقام شفاءً لصدور المؤمنين. صحيح ان حرب حزيران ١٩٦٧ كسرت خواطرهم، لكنها لم تكسر ارادة القتال في ضمائرهم فهذا الملك الراحل الكبير الحسين بن طلال طيب الله ثراه، يصف مشهد ارادة القتال بمنتهى البلاغة عندما قال : وكانت الأسود تربض في الجنبات على أكتاف السفوخ وفوق القمم بيدها القليل من السلاح والكثير من العزم وفي قلوبها العميق من الإيمان بالله والوطن وتفجر زئير الأسود في وجه المد الأسود الله أكبر " . الرصاص والقصف الإسرائيلي ايقض البشر، وقتل العسكر، ودمر الحجر، وحرق الشجر، كان يهدف إلى جلد العرب، وتعريتهم وكشف عورتهم، لا بل استباحة الوطن الممتد من الماء إلى الماء، ليهدم جبال الثقة، تسلح اليهود بالقوة والتاريخ والجغرافيا والحضارة، فنهض ملك الأردن بجيشه وشعبه وقفوا كالمارد في هالة القوة الإسرائيلية، وأثبتوا أن هذا الشعب بجيشه وقائده هم عنوان التاريخ، وأن صورة الجهاد العظيم تبدأ من صبر آل ياسر إلى صبر أهل الأردن، وحتى صبر اهل فلسطين وأهل القدس . يحتضن ثرى الكرامة تاريخ عريق عابق بمجد الإسلام، مرتبطا بأرواح الصحابة، ومقامات ابو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل، وضرار بن الازور، قال تعال : ومنهم من ينتظر ُ وما بدلوا تبديلا "، فحمل قائدنا راية الله أكبر واوفى بالعهد، وأدى الرسالة، وحافظ على قدسية هذه الأرض، وطهارة تلك السفوخ، غسل أرض الحشد والرباط بدماء الشهداء الأبرار، وذهب الغزاة إلى مزبلة التاريخ، وبقيت الكرامة تروي لنا مطلع قصيدة نصر بن سيار : أرى تحت الرماد وميض حجراً ويوشك أن يكون له ضرام الشهادة هي أشرف أهداف الموت وانبلها، فبين حتمية الموت واختيار الشهادة فرق كبير، ومنزلة عظيمة، لما فيه من عزة ورفعة، فهو لقاء الانسان مع ربه، وهذا اللقاء هو الأمنية التي يبحث عنها المؤمن، ويسعى نحوها المسلم، نحن الذين بقينا على قيد الحياة ننحني لشهداء الكرامة ونبارك لهم لأنهم تحرروا من قيود الدنيا الفانية وانطلقوا إلى تلك الحياة الأبدية الخالدة في جنات النعيم، قدموا أرواحهم من اجل الأمة، ومن أجل المقدسات، ومن أجل الماضي والحاضر والمستقبل نعيش بفضلهم، وننعم بتضحياتهم، ونرفع الرايات تحت ظلال سيوفهم، ما زالت سيوف الأردنيين مشرعة للدفاع عن شرف الأمة، وعن فلسطين، وعن القدس، تحت ظلال الراية الهاشمية يقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين رعاه الله واعز ملكه، وأدام سلطانه.