يا حكام العرب أنقذوا الخليج قبل فوات الأوان
د.محمد صالح المسفر
من بقي من حكام العرب الذين أوجه دعوتي إليهم لإنقاذ الخليج العربي من الضياع، القيادة المصرية لم تعد بحجم مصر ومكانتها فلا أمل في قادتها ولا رجاء، سورية الحبيبة قادتها تحت النفوذ الروسي الإيراني، ولم يعد الأمر لها حتى في إدارة المرور في شوارع المدن السورية الشمالية والجنوبية، ليبيا تتنازعها قوى البغي المدعوم من الخارج فهي بدون قيادة مؤثرة، الجزائر في دائرة القلق، السودان تيه سياسي بلا قيادة، واليمن أعانه الله على أموره وهمومه له قيادة أسيرة لا حول لها ولا قوة، العراق تعتصره الطائفية وقوى الحقد الثأرية، دول الأطراف مأزومة لأزمة العرب جميعا، فمن بقي يستجيب لدعوتي ؟ إنهم قادة الخليج العربي.
من هنا نشاهد تحشيدا عسكريا أمريكيا في الخليج العربي يشبه التحشيد عام 2003م، حاملات الطائرات وما يتبعها من بوارج حربية وصاروخية وقوات بحرية متعددة، طائرات حربية ذات الحمل الثقيل، قاذفات قنابل ضخمة متوحشة بـ 52، قواعد صاروخية منثورة على رمال الخليج العربي وفي منحنيات كثبانه ( الباتريوت )، وبواخر عسكرية تحمل صواريخ توما هوك وكروز، قواعد عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية في المنطقة مستنفرة، حرب كلامية ذات نغمات عالية متبادلة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، والحرب أولها كلام ثم تشتعل الجبهات والخاسر الأكبر في هذه الأجواء المشحونة بنذر الحرب هم نحن أهل الخليج العربي.
منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل عامين وما انفك يهدد دول الخليج وخاصة السعودية بالقول ” ادفعوا مقابل حمايتكم من الانقراض "، "لو لم تكن حمايتنا لكم لما بقيتم أسبوع في كراسيكم (.. )”.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من سيتحمل تكلفة هذا الحشد العسكري الرهيب ؟
طبقا لما يقوله الرئيس الأمريكي ادفعوا مقابل الحماية، فان دول الخليج ــ وخاصة السعودية والإمارات ــ هي المطالبة بهذه الحشود الحربية لمواجهة إيران وهي التي تتحمل التكاليف المالية والمعنوية والسيادية. الكل في واشنطن وفي طهران يقول إنه لا يريد الحرب ولكن يقولون إذا تعرضت مصالح أمريكا أو حلفائها في المنطقة فان الرد الأمريكي سيكون ماحقا.
رصاصة طائشة تطلق في اتجاه أي هدف أمريكي قد تكون الشرارة التي تفجر المنطقة.
أنصار الحرب على إيران في المنطقة تقودهم إسرائيل وقد تقدم على عمل ما ليبرر اشتعال الحرب، والرابح إسرائيل في كل هذا ” العبث بخليجنا العربي ".
أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية الأحد الماضي أن عدد أربع سفن تجارية من جنسيات مختلفة تعرضت لعمليات تخريب في المياه الاقتصادية الإماراتية قرب إمارة الفجيرة؛ وعلى بعد 115 كلم من السواحل الإيرانية
( وكالة أنباء الإمارات )، رغم الجدل حول هذا الشأن في الإمارات، لم يأت هذا الإعلان من فراغ وخاصة في ظروف التحشيد العسكري في المنطقة، السلطات السعودية أعلنت الأحد أيضا أنها تمكنت من القضاء على خلية إرهابية في المنطقة الشرقية ـ القطيف ـ وتتهم بعض العناصر في المنطقة الشرقية من السعودية أنهم اتباع إيران بحكم المذهب ولا شك أن الثقة منعدمة بين هذه الفئة من الشعب والنظام السياسي في الدولة السعودية. وزير خارجية أمريكا بومبيو زار العراق زيارة مفاجئة في الأسبوع الماضي استمرت فقط أربع ساعات. أعلن انه سيزور موسكو مطلع الأسبوع القادم وقد اكتمل جمع التحشيد في الخليج، ألا تنبئ تلك التحركات بخطر داهم على المنطقة ؟
السؤال هل يُقدم أحمق؛ أيا كان منصبه، بأن يحدث أمرا ما فيكون بذلك سبب لاشتعال المنطقة ؟.. هل تقدم دولة الإمارات في ظل هذا التحشيد بدافع وطني لتستعيد الجزر الثلاث الإماراتية المحتلة من قبل إيران منذ عام 1971 م تحت الحماية الأمريكية وبذلك تكون حققت هدفا هاما لم تستطع تحقيقه منذ احتلال إيران لتلك الجزر عام 1971.
الحكام الذين أوجه لهم الدعوة لإنقاذ الخليج العربي قبل فوات الأوان هم وحدهم حكام الخليج. لكي يتمكنوا من إنقاذ أنفسهم وسلطانهم وإنقاذ الإقليم من الدمار فلا بد من دعوة إلى اجتماع طارئ لحكام الخليج يعقد في الكويت أو سلطنة عمان يكون جدول أعمالهم إجراء مصالحة حقيقية فيما بين القادة ورفع الحصار عن قطر، وتكوين جبهة داخلية مترابطة بين مكونات مجلس التعاون الخليجي، وإنهاء حرب اليمن لصالح الشرعية وضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ـ تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية مع تركيا، أما الجانب الإيراني رغم خلافنا معه لكن لا يحول ذلك الخلاف بيننا وبينهم أن لا نتفاوض ونصل إلى حلول تضمن سيادتنا واستقلالنا وعدم تدخل أحدنا في شئون الآخر الداخلية والخارجية.
هذه أمريكا يا حكامنا تطلب التفاوض مع جارنا الإيراني، ألسنا نحن عرب الخليج أولى وأقرب للتفاوض معهم وهم على يقين ينشدون التفاوض والحوار معنا لتجنيب المنطقة خطر الانزلاق إلى حرب لا تبقي ولا تذر.
إن الكاتب يدعو قادة الخليج ألا تضيع هذه اللحظة التاريخية من أيديهم فإيران تقع في ضائقة سياسية واقتصادية وأمنية نتيجة للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والتفاوض معها في ظل هذه الأجواء قد نحقق الهدف الأكبر وهو إحلال السلام الدائم بين أمتين تاريخيتين متجاورتين في منطقة من أهم مناطق العالم اقتصاديا واستراتيجيا. فهل أنتم فاعلون ؟
آخر القول: تحشيد عسكري مخيف، والكرة في ملعب حكام الخليج، فهل تترفعون عن خلافاتكم الواهية وتتسامون فوق الأحقاد والغيرة والحسد من أجل إنقاذ أمة من الدمار؟..
أرجو من الله ذلك.
عن صحيفة الشرق القطرية