يراد منا في الاردن ، ان لا نتفق على العربة ولا على الحصان ولا الطريق ، مطالبون نحن ان ننصاع لتوجهات الفتية الذين امنوا بالحريق الكبير في محاولة لايقاع الاردن تحت تأثير موجة من البرمجيات السلبية التي تستهدف العقول لصناعة جيل محطم كل ما يردده انه مظلوم وذو حقوق منتهكة ووسائل التواصل الاجتماعي تدير هذه البرمجية بمنهجية مخطط لها .
لتجوس حول بيدر الوطن ارجل ذهبت الى حتفها مرغمة ، وكلاب اثر لا تكف عن التتبع ومتخمون لا يكفون عن اشاعة جشعهم ودهاقنة جوع قديم يسرقون ويخونون ، لكن ما دام العرش هاشميا والدليل الوطني في جيوب العسكر ... لن نخسر .
عشرون عاما من عمر الملك على العرش الطاهر ، تتوج مئة عام من سيرة هاشمية لم تتخلى يوما عن ثقافة الحكم التي لا تنصفها الكتابة ، بل يثريها الفعل الانساني السياسي النبيل ،وفي السيرة الفي عام من ثقافة السيادة نبقى مركز ايواء اقليمي ومن حولنا عروش الدم تتخطف من اعتلاها وصراع الاستبداد يزهق ارواح الملايين على مذبح القتل والذبح والتشريد .
من حقنا ان نحتفل لاننا لم نمارس التجريف السياسي لجثث المعارضين ،ولم نستقدم مرتزقة لهدم المدن ولم نمهد لاحتفالاتنا الوطنية بنيران تخترق الجماجم ، وامنا في بلدنا اننا بحاجة الى ان نكون مخالفين لمن نريد ان نفهمه ، فكان خطابنا السياسي على لسان الملك في كل مكان في العالم امتحانا لجدوى الكلمة واصالة المعنى فمن هذا البلد الصغير الذي نكونه نعي سرنا الخاص واساسه الذي اتكأ عليه العرب جميعا .
ولادة سطر اول تعني الحاجة الى جرأة للقول : لا جدوى من خطاب تقليدي امام وطن وفق بين جدل الجغرافيا والتاريخ بتوازن سياسي في اعلى قمته السياسية ، لكن ازمة النص والجمهور تسبب فيها فضاء اعلامي اقتصادي واداري مرتجف جعل من اداء البعض منا مصدرا للقلق في اتون استسلام العقول الالكترونية لاملاءات الهواتف الذكية عبر صحافة الانفتاح وسيطرة ادبيات الربح السريع على الخطاب المزيف والمظلل وهو ما اصاب البعض منا بالغرور والكبر وحاجة ملحة الى الاطراء والمديح رغم غياب الانجاز .
حتى بلغ الامر عند البعض منا ان يتسائل عن جدوى الاستقلال ،ويحن بعضنا سياسيا الى " جمال" امرأة حكمت مصر قديما ، و مذهب اخرى سلمت عرش اليمن ، وينوحون على سقوط قرطاج و ويقيمون اللطميات على سقوط بغداد " ويقطعون الحجازين " غيرة على دمشق ،ولكنهم يتهمون المؤابيين والعمونيين والانباط والهاشميين ببيع الشمس والقمر والنجوم .
نعم كانت حرب استقلالنا الاردنية ممتده منذ خاضها ميشع حتى اخر شهيد اردني على ارض فلسطين ، والثابت فيها هو المصلحة الوطنية ليقرأ هذا الوطن كلا متكاملا صحيح ان الاحتلال الانغليزي لم يقتل 45الف اردني في يوم واحد مثلما فعلت فرنسا في الجزائر ولم يذبح الالاف ايضا كما فعلت ايطاليا في ليبيا لكننا خضنا معارك التحرير منذ ثورة الكرك على الطورانيين وسلكنا ذات الدرب مع جيوش الثورة العربية الكبرى ومعاركها التي كانت ثورة المشرق العربي كله قبل ان يلتف عليها سايكس وبيكو وطموحات الموغلين في الذاتية القبلية على حساب مشروع الامة وصفقتها التي برسم التاريخ .
نعم كانت حرب استقلالنا مع كل قطرة دم سالت على ارض فلسطين وبطولات جيشنا العربي التي سجل فيها اعلى درجات التضحية والفداء .
نحن هنا اليوم نحتفل بصمودنا رغم كل ما يحاك لنا ، ونتجلى في في احتراف التوازن السياسي رغم كل ما نتعرض له من خنق اقتصادي وتنمر وتاّمر سياسي لنظل رغم كل التحديات حراس الحلم العربي المفتوح على طموحات الامة ، نتجاوز بصبر وصمود كل مخططات صهاينة الداخل والخارج لنصل الى لحظة التميز التي راهن على اسقاطها الكثيرون .
عشرون عاما من الجلوس الملكي لم تكن الا استمرارا لمسيرة التفوق السياسي المؤثر رغم حملات التشويش والتشويه التي لن تنال من عزيمة الاردنيين المسكونة بالكبرياء والصمود .