في أول لقاء لجلالة الملك عبدالله الثاني مع نخب سياسية، مفتتحا العشرية الثالثة من عهده الملكي، شرح جلالته نظرية التفاؤل لمستقبل الأردن المستمرة رغم ما يشاع وما يطرب له المحملون بالسوداوية والخوف على الأردن واستقراره، مستغربا تصديق حملات الإشاعة الخارجية والداخلية التي يتسابق البعض لتصديقها رغم معرفتهم بأهداف مطلقيها، وعدم تأثيرها على النخب الواعية من الشعب الأردني، حتى بات الصيف موعدا مع جديد الشائعات المضحكة و«حملة نكد» جديدة، حسب وصف الملك.
الملك يحمل القدس والقضية الفلسطينية والهم الإقتصادي الأردني والإصلاح السياسي الى منصة الحديث الملكي، ليعيد تأكيد المؤكد من مواقفه الشخصية والموقف الرسمي والشعبي تجاه القضايا الوطنية والقومية والمقدسات المسيحية والإسلامية بالطبع، مشددا على أن لا تراجع عن مواقفنا تحت أي ظرف، وأي تشكيك يخرج من أي جهة، ليس سوى تشويش وتضليل تمارسه فئة تنظر بعين السلبية ولا تخدم وحدتنا الوطنية، داحضاً كل قول عن فزاعة التوطين والوطن البديل أو أي تنازلات سيادية فيما يتعلق بصفقة القرن.
لا يفاجئ الملك من اعتاد على صراحته في جميع القضايا التي يتحدث عنها بكل شفافية ووضوح وجرأة لم يتعود عليها رؤساء الحكومات ولا وزراؤهم، فالملك لا يترك الأسئلة حائرة، فالإجابة حاضرة وتحمل المعلومة الدقيقة التي قد تفاجئنا أحيانا رغم سريتها، ومن هذا الباب يكشف جلالته أن لا مشكلة له على الإطلاق مع طروحات الشباب المطالبين بالإصلاح السياسي في الحراك الذي يشهده الشارع، بل إن الأبواب مفتوحة للجميع رغم رفض البعض أي حوار، وإذا كان هناك من تحييد في الماضي فتتحمله بعض الجهات التي تسعى الى إبقائهم في الشارع، ليؤكد أن الجميع أبناؤه وإخوته وهو يسمع ويدعم المطالب الحقيقية البعيدة عن المصالح الشخصية أو المدفوعة من أي جهة تستهدف استقرارنا.
في الوضع الإقتصادي والسياسي، يكشف جلالته أمنيته لتخفيض الضريبة بعد معالجة التشوهات، مبدياً تفاؤله لتطور النواحي الإقتصادية مدعومة بالعلاقات الأردنية مع الأشقاء في الدول المجاورة التي تتطلب المزيد من السعي نحو تعزيز وإعادة طرق الموصلات التجارية والتبادلات خصوصا مع العراق ومصر وبقية دول الجوار العربي، ورغم كل المؤشرات على تحييد بعض الأسواق فإن الأردن لا يخضع سوى للمصلحة الوطنية وازدهار علاقاته مع جميع الدول العربية الشقيقة التي تتطور بناءً على حماية السيادة الأردنية وعدم الإرتهان للظروف السياسية المعقدة في الإقليم، فالجميع حولنا هم إخوان لنا وجيران في الجغرافيا والتاريخ والقواعد السياسية لا يمكنها أن تدمر البناء التاريخي بل يجب أن تدعم استقرار المنطقة وحماية بلداننا وشعوبنا، والتنسيق مع الحكومة مستمر لدعم القطاعات كافة صناعية وتجارية، وتسهيل إجراءات الإستثمار وكبح العوامل الطاردة له قانونية كانت أو بشرية، مبشرا بأخبار جيدة قادمة على الصعيد السياسي والإقتصادي.
النقاش مع الحضور تناول العديد من القضايا المحلية، ولعل أهمها التعليم الجامعي ومخرجاته وتطوير أدائه، والأداء الحكومي وتلكؤ بعض الوزراء بواجبهم تجاه الرأي العام والتضييق على الحريات الصحفية التي فتحت الباب لتسلل المعلومات غير الصحيحة أو المشوهة فيما يتعلق بالمؤسسات أو الأشخاص والسيادة الوطنية أيضا، من هنا يرى الملك أن العمل لتطوير الأداء القضائي وأدوات الرقابة في مؤسسات النزاهة ومكافحة الفساد ضروري جدا، لمعالجة بعض التجاوزات التي تحصل في المؤسسات العامة والرقابية أيضا، ويؤكد أنه يتابع شخصيا كافة المعلومات الواردة عن بؤر فساد خطرة، مضيفا أن الواجب يقتضي بالقيام بالإجراءات التأديبية والعقوبات الواجبة ضد كل من يتورط بقضايا فساد خصوصا في الجهاز الرسمي لردع من تسول له نفسه الفساد والإفساد مدنيا أو رسميا.