2025-01-16 - الخميس
عاجل ..ضبط منزل في سحاب حوله صاحبه إلى "مصفاة بترول مصغرة" nayrouz فرسان التغيير يشاركون في تنظيم فعاليات يوم الشجرة في محافظة الطفيلة. nayrouz تربية معان تتابع استلام مختبرات الحاسوب الخاصة بامتحانات الثانوية العامة nayrouz "الأردن الهاشمي: دعم ثابت لغزة وتأكيد على روابط الأخوة والمصير المشترك" nayrouz تحت رعاية رئيس الوزراء شارك فرسان التغيير في تنظيم فعاليات يوم الشجرة في محافظة معان. nayrouz "كتلة حزب تقدم: الجهود الملكية لدعم القضية الفلسطينية ثابتة وراسخة" nayrouz الزبن يترأس اجتماع لجنة الموارد البشرية في تربية الموقر nayrouz الْأُرْدُن ... وطن ب أمَّة "بوح ووجهة نظر" nayrouz الخدمات الطبية الملكية: الأردن رائد في تقديم الدعم الطبي لغزة والضفة الغربية nayrouz رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في صناعة الغزل والنسيج والألبسة إلى 230 دينارا nayrouz رسالة من خليل سند إلى خليل الحية nayrouz غسان عبود ينتقد جمال سليمان: "فرق كبير بين من يحمله أهله ومن يستأجر حاملين" nayrouz مدير التربية والتعليم للواء الكورة يتفقد مستودع الكتب المدرسية nayrouz صبر حماس يثمر: مكاسب استراتيجية وتحرير الأسرى في اتفاق تاريخي مع إسرائيل nayrouz جامعة الزرقاء تشارك في احتفالية يوم الشجرة nayrouz استطلاع رأي: غالبية الأردنيين يرون أن عودة اللاجئين السوريين حاليا إلى سوريا "ممكنة" nayrouz غزة والأردن: صمود ودعم nayrouz مدير تربية جرش يلتقي بالمشرفين التربويين استعدادًا لبدء الفصل الدراسي الثاني nayrouz تأهل فريقي جامعة جرش ووحدة أمن الملاعب في بطولة خماسيات كرة القدم " تحية العلم" إلى الدور النهائي nayrouz المهندس محمد الجبور: إشادة بدور القوات المسلحة وجلالة الملك في دعم غزة nayrouz
وفيات الأردن اليوم الخميس 16-1-2025 nayrouz الكاتبة سارة طالب السهيل التميمي تعزي أبناء العمومة عشائر المجالي التميمي بفقيد الوطن سيف حابس المجالي nayrouz أسرة نيروز الإخبارية تنعى وفاة المصمم محمد الحراحشة ابو "البراء " nayrouz وفاة وإصابات في حادث تصادم بين 3 مركبات بعمان nayrouz نجل حابس المجالي في ذمة الله nayrouz عشيرة المجالي تنعى سيف الدين نجل المشير الركن حابس رفيفان (ابو طارق) nayrouz وفيات الأردن اليوم الأربعاء 15-1-2025 nayrouz وفاة المرحومة (فوزيه محمود شناعه بصلات الحجاوي nayrouz وفاة الشيخ يحيى مبروك أحمد حلسان بعد حياة حافل بالعطاء في خدمة اليمن nayrouz رحيل الشاب قصي محمد عبده القرشي أثناء توجهه لأداء العمرة nayrouz شكر على تعازِ من عشيرة "الحسينات" المناصير nayrouz مبارك نواش الهنداوي "ابورامي" في ذمة الله  nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 14-1-2025 nayrouz بوفاة "والد" المعلمة حنان البشابشة nayrouz آل الرفاعي ينعون فقيدهم المهندس عوني حسين رفاعي الرفاعي nayrouz عبدالله محمود صوان الخالدي" ابو غيث" في ذمة الله  nayrouz المهندس عوني حسين الرفاعي "عميد ال الرفاعي" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 13-1-2025 nayrouz العميد عاهد الشرايدة يشارك في شييع جثمان الملازم طالب عبد الوالي nayrouz العميد م عبدالله ابو كركي ينعى الحاج زهير حسين الغنمين" ابوعصام " nayrouz

السرحان تكتب : عجايب وبيدر التبن

جميله السرحان
نيروز الإخبارية :
نيروز الاخبارية :
جميلة السرحان

عند مغيب الشمس يجهز والد عجايب دابته ، وقد وضع عليها ( وِثارتِها) وقام بشدّها وربطها جيدًا وفوقها وضع (الخُرج) وهو كيس متطاول ذو فتحتين متقابلتين مصنوع من القنب ، أو الكتان يوضع على ظهر الدابة ، وتوضع فيه المواد والأدوات الصغيرة وغيرها ، وهو على أنواع عديدة ، منه الصغير الذي يحمل على الكتف ، ومنه من الخيش الرقيق ، ومنه السميك المنسوج وله عروات يدكك فيها حبل لغلق فتحاته ، وله شرابات تتدلى منه وهي التي يذكرها المثل الشعبي: شرابة خرج. 
 وقد وضع أبو عجايب في أحد جيوبه طعامًا له وابنته عجايب والآخر وضع فيه (قربه ماء) ، ثم قام بوضع (تبانيات الخيش) مطويات فوق بعض ، ثم اركب ابنته من فوقهم وسارا وقد أدمس الليل ، لكنّ قمر الحصّادين يرافقهم وينير لهم دربهم ، وأبو عجايب يحدو :
يا يمه غدي مهيرتي ...لاكبر وانا خيالها
لاشري لها شرشف حرير ...ريش النعام اظلالها
يا بيت يلي على الطريق...صفي مقاور خيالنا
وانت غواكن شعركن... واحنا غوانا اخيولنا

ويا شيخ ما جنّك علوم عن عركة صارت شمال
تعلّقت قبل الضّحى وما فكها كود الظلام

إلى أن وصلا البيدر الذي أنهت ( الدّرّاسة) دِرَاسته وأصبح التبن جاهزاً للتعبئة ، فأنزل أبو عجايب إبنته وكانت ابنة الحادية عشرة سنة ، ثم أنزل التبانيات وخيطان ( المصيص) المصنوعة من الخيش وفي وسطهم (المخاط او المَسَلة) التي سيخيط بها تلك التبانيات ، ثم أنزل (الخُرج) جانبًا ، وربط دابته في مكان قريب منهما ، فيه شي من بقايا الحصيد .
ثم تناول أبو عجايب أحد التبانيات ووضعها بالقرب من البيدر وابنته عجايب تمسك له طرف (التبانيه) من الجهة الأخرى فأخذ يملأها بالتبن بكلتا يديه ، ففعلت عجايب بيديها الصغيرين كما يفعل والدها إلى أن تنتصف (التبانيه) ثم يرفعانها ويقومان بتعبئه التبن في كيس آخر من الخيش وتفريغه في التبانيه الى أن تمتلئ. والتبانية هي عبارة عن خـيشه وهي كيس قنب كبير (عدل) ، أو عدة أكياس توصل مع بعضها ، لها فتحة في الأعلى تستخدم لتعبئة التبن لنقله من البيدر ، ثم يخاط فمها. 

وعند تعبئتها بالتبن تصبح سمينة جدًا ، مدورة الشكل مرتفعة لا تستطيع عجايب الوصول إلى فوهتها ، ثم يقوم أبوها بوضع القطعة العلوية من التبانية وخياطتها (بالمخاط او المسلّة)  باستعمال خيطان (المصيص) ويشدّها جيدًا لئلا يتسرب ما بداخلها من التبن ، من أي فتحة وذلك بخطوط متقاطعة.
إذ سيتم تحميلها بعد ذلك على الدواب الحصان أو الحمار أو البغل ويُحمل بعده طرق منها :
الظهارية : وتسمى الِجْلال أيضا هي أبسط طرق حماية ظهر حيوان النقل .
والحِلس : وهو أكثر سماكه من الظهارية.
والحمّالة: وهي أداة مصنوعة من الخشب توضع فوق الظهارية وعلى منتصفها على شكل اشبه ما يكون بأشارة (x) وهنا وقد يحمل الحيوان كيسين (تبانيين) على جانبي الحمّالة أي جانبي الحيوان، ويوضع كيس ثالث في الفتحة فوقهما ، ثم يتم "تحبيلهما" بحبل لتثبيت الأكياس (التبانيات) على ظهر الحيوان.

أمّا عجايب ووالدها فبقيا لساعة متأخرة من الليل في تعبئة التبن ، وهو يهيجن :
هبّ الهوا يا ياسين يا عذاب الدارسين..
يا عذابي معاهم ضوء القمر طالعهم..
طالعهم ويلاليهم     وايشلع طواقيهم..
يا حمرا يالواحه     لونك لون التفاحه..
تشجيعاً وتعزيزاً لنفسه ولابنته إلّا أنّ النعاس يغلبُها ، مع ذاك القمر الذي أخذ يكسو السنابل أثوابه الفضية ، فيأخذها أبوها بالقرب من تلك (التبانيات ) ويغطيها بفروته ، ويبقى مستيقظاً ويحشو التبن بتلك الأكياس الكبيرة. 
وقد أقبل نسيم الفجر الذي أخذ يداعب وجنتي عجايب فتستيقظ وتفرك عينيها من النعاس ، وتنظر فإذا بالبيدر قد بقى منه القليل ، فتنهض لمساعدة والدها ، ومع أولى خيوط الشمس كانا قد أكملا تعبئة بيدرهم ، فأخد أبو عجايب يخيط ما بقى من التبانيات وعجايب تُحضر له خيطان ( المصيص) إلى أن انتهيا .
 فتنظر عجايب إلى تلك (التبانيات) وكأنها أعمده جرش العملاقة التي صنعها الرجال الأوائل ، فتتنسم عبق التاريخ والحضارة المشرقة ، وتلتف حولها وتقول في نفسها : كيف سنحملها ، إنّها كبيرة جدا؟
ثم تدور وتدور وتنظر للسماء فإذا بطيور الصباح قد أخذت ترفرف هنا وهناك مغردةً ، وكأنّها تشكر خالقها على هذه النعم ، وتدعو كل متأمل ناشد للسكينة ، فتغريداتها تجاوب همسات الريح وتصافح سنابل القمح فقد وهبتها أعشاشًا لصغارها ، إذ سلِمت من أيد البشر فلا ضغينة ولا حرمان هنا.
فتقول في نفسها : حلقي يا طيوري وخذي معك روحي إلى حيث لا حدود ولا قيود ، خذيها إلى حيث لا تغرب شمس الأمل وضياء الحياة .
فيناديها أبوها وقد أشعل نارًا ووضع عليها إبريقًا من الشاي ، وجاء بطعامهما من ( الخُرج) فكان خبز الصاج والسمنة البلدية وقليلٌ من (القِطِيع) وهو لبن الكيس ، فجلسا وتناولا فطورها مع أولى خيوط الشمس الذهبية ، ثم جهزا دابتهما وعادا إلى بيتهما ، ليرعى أبو عجايب أغنامه ، وتساعد عجايب أُمها في البيت.
 ثم يعود  في الظهيرة أبو عجايب مع أحد جيرانه لنقل (التبانيات ) على ظهر الدواب.

 تمر السنون بعجايب وتصبح إبنة الستة عشر عامًا ويكبر إخوتها ، وعند الحصاد وجمع التبن من البيادر ، يأتي أبوها بعربة يجرّها حصانان ، ذات صندوق وحواف مرتفعة على الجانبين ، مركبٌ على أربع دواليب كبيرة ، وتغلق من الامام والخلف ببابين متحركين.
 ‏لجمع التبن وقد غطوا جوانب العربة من الداخل بقطع من الخيش لئلا يتسرب شيئًا من التبن إلى الخارج من أحد شقوق العربه الجانبيه ، فتقوم عجايب وإخوتها بتعبئة العربه بالتبن باستخدام (الشواعيب) إلى أن تمتلئ فيذهبون بها إلى ( خان التبن) وهناك لابد من تواجد أحدهم بداخل الخان ليدفع التبن إلى الداخل وإثنان في العربه ينزلان التبن ، فكانت عجايب هي الكبرى ، فتدخل داخل الخان وتدفع باستخدام (الشاعوب) التبن إلى داخل الخان إلى أن يرتفع شيئًا فشيئًا إلى سقف الخان وسط غبار رفع التبن وغبار انزاله من العربة ، وقد تلثمت بشماغ لإبيها وآخر قد حزمت به وسطَها ، حتى تبقى شديدة الجسم قوية. 
ما يهمها كان أن تريح والديها المشغولين بأعمالٍ كثيرة من هذا العمل المضني ، وأن تنهيه بأسرع وقت ، فحين ترمي بالتبن بالشاعوب للأعلى ، يجول في خاطرها تلك المعارك التي خاضتها المرأة في الإسلام ، والتي كانت تحمل السيف وتحارب في سبيل اللّه ، فتقول في نفسها : كنّ النساء يحاربنَ ونحن ماذا فعلنا ؟ ، فتدفع بشاعوبها وكأنّها تدفع بشعوب الأرض جميعًا إلى التحرر والحرية ، وحين ينتهي حملُ العربة تخرج من الخان فإذا بعيونها لا تُرى من غبار التبن ، وتأخذُ تلتقطُ أنفاسها شيئاً فشيئاً ، ثم تصعدُ في العربة ويعودون مرةً أخرى لاستكمال تعبئة بيدرهم من التبن ، وفي هذه اللحظات تستنشقُ عجايب الهواء الطلق الذي غاب عنها وهي داخل الخان فتشعرُ بلذةٍ لا شبيه لها. 

وقبل أن ينتهي موسم جمع التبن بقليلٍ وفي منتصف ليل إحدى الليالي ، تسمعُ أم عجايب صوتًا غريبًا ، فتُسرع واذا بعجايب قد ضاق تنفسها ولم تستطع الكلام ، فيُسرع أبوها إلى أحد المزارعين المجاورين لهم فيحملانها بتلك العربة الزراعية ليذهبا بها إلى طبيب القرية. 
 العربةُ تسير عبر ذاك الطريق الصحراوي المتعرج الوعر ، وعجايب يضيق نَفَسها شيئًا فشيئًا ، ووالدها يحملها في حضنه وجسدها ينتفض كعصفور سقط بالماء ، ولا يعلم لذلك سبيلاً ، ووالدتها تبتهل إلى اللّه وسط دموعٍ أغرقت وجهها بأنْ يحفظها ويشفيها ، وهما لا يعلمان ماذا حلّ بها؟. 
وهناك عند الطبيب يسرع أبو عجايب ويطرق باب منزله الخشبي بشدّة وهو ينادي ويصرخ حتى جاء الطبيب وفتح لهما الباب ، فأدخلها ووضعها على السرير ، حينها شعر أبو عجايب أنّها سكنَت فارتعش جسده خوفاً ، فجاء الطبيب ووضع أذنه ليفحص نبضها فإذا بها قد صمتت عن الحياة ، فجثى أبوها على ركبيته اللتين لم تستطيعا حمله ، ويا لوجع أمّها التي ارتمت عليها تقبّلها وتصيح من قلبها ودموعها أغرقت جسدها ، وهي تنشجُ وتقول :( يا ضي عيني يا ضي عيني ، رحمتك يا ربي ). 
 ويا وجع أبوها الذي عاد يحملها في صمتٍ أبدي ،  وصورتُها وهي تصعد لأعلى (تبانيات) التبن وتحاول خياطتها من الأعلى( وشلبكتها) حتى شلبكت يديها الصغيرتين بتلك الخيوط ، في تلك الليالي الحالكة لم تفارق مخيلته أبدًا .
whatsApp
مدينة عمان