2025-12-22 - الإثنين
10 قتلى بضربة مسيّرة استهدفت سوقا في شمال دارفور السودانية nayrouz الشطناوي تتفقد قاعات الثانوية العامة في مدرسة يبلا الثانوية للبنين nayrouz تعاون بين مركز الهدبان وجامعة الزيتونة لتعزيز التدريب العملي لطلبة التمريض nayrouz عمّان الأهلية تفوز بثلاث جوائز بأولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي nayrouz إعادة انتخاب أ.د.ساري حمدان نائبا لرئيس الاتحاد الآسيوي لكرة اليد nayrouz البيت الأبيض: تحصيل 235 مليار دولار من الرسوم الجمركية nayrouz البكار يفتتح توسعة مصنع في الظليل لتشغيل 500 أردنيا وأردنية nayrouz جامعة عمان الاهلية توقع مذكرة تفاهم مع جامعة بور سعيد الحكومية ....صور nayrouz وظائف شاغرة في هيئة الخدمة والإدارة العامة nayrouz الجريري يتفقد جاهزية قاعات الامتحان التكميلي في مركز مدرسة أرينبة الغربية الأساسية المختلطة. nayrouz النفط يرتفع بعد اعتراض أميركا لناقلات نفط قبالة سواحل فنزويلا nayrouz قانونا الأوقاف وكاتب العدل وقضايا أخرى أمام لجان نيابية nayrouz تفاؤل أميركي أوكراني بشأن محادثات ميامي وروسيا ترفض تعديل خطة السلام nayrouz سعر أونصة الذهب يتجاوز 4400 دولار للمرة الأولى nayrouz اليابان تستعد لإعادة تشغيل أكبر محطة نووية في العالم nayrouz الشرطة الأسترالية تنقل منفذ هجوم سيدني من المستشفى إلى السجن nayrouz ضبط مركبة تسير بسرعة 198 كم/ ساعة على الطريق الصحراوي nayrouz مذكرات تبليغ قضائية ومواعيد جلسات متهمين (أسماء) nayrouz نتنياهو يجري مشاورات أمنية لوضع ملفات حساسة على طاولة ترامب nayrouz النواب يناقش مشروع قانون معدل لقانون المعاملات الإلكترونية nayrouz
لفتة وفاء وأخوة.. متقاعدو الإعلام العسكري يعزّون بوفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 22-12-2025 nayrouz الحاج سليمان حسين النعيمات في ذمة الله nayrouz في وداع قامة وطنية… الشيخ سيف الدين عبيدات سيرة عطاء لا تغيب nayrouz بني صخر تشيّع جثمان الشيخ محمد نايف حديثة الخريشا (أبو زيد) في لواء الموقر...فيديو nayrouz وفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz الحاج عوده الله السمارت في ذمة الله nayrouz في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الحاج يوسف شحادة nayrouz وفاة الشيخ محمد نايف حديثه الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz رحيل الشاب الفاضل راشد بدر عودة الخريشا: فقدنا مثالًا للأخلاق والنشاط والحيوية nayrouz محمد رداد المعزي الجبور" ابو ثامر" في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب راشد بدر عوده الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 nayrouz وداع يليق بمكانته… العبيدات يشيّعون أحد أعمدتهم الاجتماعية " الشيخ سيف الدين عبيدات nayrouz الخريشا تعزي الزميل كميت الجعبري بوفاة والده nayrouz وفاة المرحومة ليلى خالد العشي، زوجة الدكتور حسن صرصور nayrouz وفيات الأردن اليوم الجمعة 19-12-2025 nayrouz وفاة الأستاذ الدكتور خالد يوسف الزعبي عضو هيئة التدريس في جامعة مؤتة nayrouz وفاة لواء مخابرات متقاعد محمد خير العضايلة "ابو الخير" nayrouz

السرحان تكتب : عجايب وبيدر التبن

جميله السرحان
نيروز الإخبارية :
نيروز الاخبارية :
جميلة السرحان

عند مغيب الشمس يجهز والد عجايب دابته ، وقد وضع عليها ( وِثارتِها) وقام بشدّها وربطها جيدًا وفوقها وضع (الخُرج) وهو كيس متطاول ذو فتحتين متقابلتين مصنوع من القنب ، أو الكتان يوضع على ظهر الدابة ، وتوضع فيه المواد والأدوات الصغيرة وغيرها ، وهو على أنواع عديدة ، منه الصغير الذي يحمل على الكتف ، ومنه من الخيش الرقيق ، ومنه السميك المنسوج وله عروات يدكك فيها حبل لغلق فتحاته ، وله شرابات تتدلى منه وهي التي يذكرها المثل الشعبي: شرابة خرج. 
 وقد وضع أبو عجايب في أحد جيوبه طعامًا له وابنته عجايب والآخر وضع فيه (قربه ماء) ، ثم قام بوضع (تبانيات الخيش) مطويات فوق بعض ، ثم اركب ابنته من فوقهم وسارا وقد أدمس الليل ، لكنّ قمر الحصّادين يرافقهم وينير لهم دربهم ، وأبو عجايب يحدو :
يا يمه غدي مهيرتي ...لاكبر وانا خيالها
لاشري لها شرشف حرير ...ريش النعام اظلالها
يا بيت يلي على الطريق...صفي مقاور خيالنا
وانت غواكن شعركن... واحنا غوانا اخيولنا

ويا شيخ ما جنّك علوم عن عركة صارت شمال
تعلّقت قبل الضّحى وما فكها كود الظلام

إلى أن وصلا البيدر الذي أنهت ( الدّرّاسة) دِرَاسته وأصبح التبن جاهزاً للتعبئة ، فأنزل أبو عجايب إبنته وكانت ابنة الحادية عشرة سنة ، ثم أنزل التبانيات وخيطان ( المصيص) المصنوعة من الخيش وفي وسطهم (المخاط او المَسَلة) التي سيخيط بها تلك التبانيات ، ثم أنزل (الخُرج) جانبًا ، وربط دابته في مكان قريب منهما ، فيه شي من بقايا الحصيد .
ثم تناول أبو عجايب أحد التبانيات ووضعها بالقرب من البيدر وابنته عجايب تمسك له طرف (التبانيه) من الجهة الأخرى فأخذ يملأها بالتبن بكلتا يديه ، ففعلت عجايب بيديها الصغيرين كما يفعل والدها إلى أن تنتصف (التبانيه) ثم يرفعانها ويقومان بتعبئه التبن في كيس آخر من الخيش وتفريغه في التبانيه الى أن تمتلئ. والتبانية هي عبارة عن خـيشه وهي كيس قنب كبير (عدل) ، أو عدة أكياس توصل مع بعضها ، لها فتحة في الأعلى تستخدم لتعبئة التبن لنقله من البيدر ، ثم يخاط فمها. 

وعند تعبئتها بالتبن تصبح سمينة جدًا ، مدورة الشكل مرتفعة لا تستطيع عجايب الوصول إلى فوهتها ، ثم يقوم أبوها بوضع القطعة العلوية من التبانية وخياطتها (بالمخاط او المسلّة)  باستعمال خيطان (المصيص) ويشدّها جيدًا لئلا يتسرب ما بداخلها من التبن ، من أي فتحة وذلك بخطوط متقاطعة.
إذ سيتم تحميلها بعد ذلك على الدواب الحصان أو الحمار أو البغل ويُحمل بعده طرق منها :
الظهارية : وتسمى الِجْلال أيضا هي أبسط طرق حماية ظهر حيوان النقل .
والحِلس : وهو أكثر سماكه من الظهارية.
والحمّالة: وهي أداة مصنوعة من الخشب توضع فوق الظهارية وعلى منتصفها على شكل اشبه ما يكون بأشارة (x) وهنا وقد يحمل الحيوان كيسين (تبانيين) على جانبي الحمّالة أي جانبي الحيوان، ويوضع كيس ثالث في الفتحة فوقهما ، ثم يتم "تحبيلهما" بحبل لتثبيت الأكياس (التبانيات) على ظهر الحيوان.

أمّا عجايب ووالدها فبقيا لساعة متأخرة من الليل في تعبئة التبن ، وهو يهيجن :
هبّ الهوا يا ياسين يا عذاب الدارسين..
يا عذابي معاهم ضوء القمر طالعهم..
طالعهم ويلاليهم     وايشلع طواقيهم..
يا حمرا يالواحه     لونك لون التفاحه..
تشجيعاً وتعزيزاً لنفسه ولابنته إلّا أنّ النعاس يغلبُها ، مع ذاك القمر الذي أخذ يكسو السنابل أثوابه الفضية ، فيأخذها أبوها بالقرب من تلك (التبانيات ) ويغطيها بفروته ، ويبقى مستيقظاً ويحشو التبن بتلك الأكياس الكبيرة. 
وقد أقبل نسيم الفجر الذي أخذ يداعب وجنتي عجايب فتستيقظ وتفرك عينيها من النعاس ، وتنظر فإذا بالبيدر قد بقى منه القليل ، فتنهض لمساعدة والدها ، ومع أولى خيوط الشمس كانا قد أكملا تعبئة بيدرهم ، فأخد أبو عجايب يخيط ما بقى من التبانيات وعجايب تُحضر له خيطان ( المصيص) إلى أن انتهيا .
 فتنظر عجايب إلى تلك (التبانيات) وكأنها أعمده جرش العملاقة التي صنعها الرجال الأوائل ، فتتنسم عبق التاريخ والحضارة المشرقة ، وتلتف حولها وتقول في نفسها : كيف سنحملها ، إنّها كبيرة جدا؟
ثم تدور وتدور وتنظر للسماء فإذا بطيور الصباح قد أخذت ترفرف هنا وهناك مغردةً ، وكأنّها تشكر خالقها على هذه النعم ، وتدعو كل متأمل ناشد للسكينة ، فتغريداتها تجاوب همسات الريح وتصافح سنابل القمح فقد وهبتها أعشاشًا لصغارها ، إذ سلِمت من أيد البشر فلا ضغينة ولا حرمان هنا.
فتقول في نفسها : حلقي يا طيوري وخذي معك روحي إلى حيث لا حدود ولا قيود ، خذيها إلى حيث لا تغرب شمس الأمل وضياء الحياة .
فيناديها أبوها وقد أشعل نارًا ووضع عليها إبريقًا من الشاي ، وجاء بطعامهما من ( الخُرج) فكان خبز الصاج والسمنة البلدية وقليلٌ من (القِطِيع) وهو لبن الكيس ، فجلسا وتناولا فطورها مع أولى خيوط الشمس الذهبية ، ثم جهزا دابتهما وعادا إلى بيتهما ، ليرعى أبو عجايب أغنامه ، وتساعد عجايب أُمها في البيت.
 ثم يعود  في الظهيرة أبو عجايب مع أحد جيرانه لنقل (التبانيات ) على ظهر الدواب.

 تمر السنون بعجايب وتصبح إبنة الستة عشر عامًا ويكبر إخوتها ، وعند الحصاد وجمع التبن من البيادر ، يأتي أبوها بعربة يجرّها حصانان ، ذات صندوق وحواف مرتفعة على الجانبين ، مركبٌ على أربع دواليب كبيرة ، وتغلق من الامام والخلف ببابين متحركين.
 ‏لجمع التبن وقد غطوا جوانب العربة من الداخل بقطع من الخيش لئلا يتسرب شيئًا من التبن إلى الخارج من أحد شقوق العربه الجانبيه ، فتقوم عجايب وإخوتها بتعبئة العربه بالتبن باستخدام (الشواعيب) إلى أن تمتلئ فيذهبون بها إلى ( خان التبن) وهناك لابد من تواجد أحدهم بداخل الخان ليدفع التبن إلى الداخل وإثنان في العربه ينزلان التبن ، فكانت عجايب هي الكبرى ، فتدخل داخل الخان وتدفع باستخدام (الشاعوب) التبن إلى داخل الخان إلى أن يرتفع شيئًا فشيئًا إلى سقف الخان وسط غبار رفع التبن وغبار انزاله من العربة ، وقد تلثمت بشماغ لإبيها وآخر قد حزمت به وسطَها ، حتى تبقى شديدة الجسم قوية. 
ما يهمها كان أن تريح والديها المشغولين بأعمالٍ كثيرة من هذا العمل المضني ، وأن تنهيه بأسرع وقت ، فحين ترمي بالتبن بالشاعوب للأعلى ، يجول في خاطرها تلك المعارك التي خاضتها المرأة في الإسلام ، والتي كانت تحمل السيف وتحارب في سبيل اللّه ، فتقول في نفسها : كنّ النساء يحاربنَ ونحن ماذا فعلنا ؟ ، فتدفع بشاعوبها وكأنّها تدفع بشعوب الأرض جميعًا إلى التحرر والحرية ، وحين ينتهي حملُ العربة تخرج من الخان فإذا بعيونها لا تُرى من غبار التبن ، وتأخذُ تلتقطُ أنفاسها شيئاً فشيئاً ، ثم تصعدُ في العربة ويعودون مرةً أخرى لاستكمال تعبئة بيدرهم من التبن ، وفي هذه اللحظات تستنشقُ عجايب الهواء الطلق الذي غاب عنها وهي داخل الخان فتشعرُ بلذةٍ لا شبيه لها. 

وقبل أن ينتهي موسم جمع التبن بقليلٍ وفي منتصف ليل إحدى الليالي ، تسمعُ أم عجايب صوتًا غريبًا ، فتُسرع واذا بعجايب قد ضاق تنفسها ولم تستطع الكلام ، فيُسرع أبوها إلى أحد المزارعين المجاورين لهم فيحملانها بتلك العربة الزراعية ليذهبا بها إلى طبيب القرية. 
 العربةُ تسير عبر ذاك الطريق الصحراوي المتعرج الوعر ، وعجايب يضيق نَفَسها شيئًا فشيئًا ، ووالدها يحملها في حضنه وجسدها ينتفض كعصفور سقط بالماء ، ولا يعلم لذلك سبيلاً ، ووالدتها تبتهل إلى اللّه وسط دموعٍ أغرقت وجهها بأنْ يحفظها ويشفيها ، وهما لا يعلمان ماذا حلّ بها؟. 
وهناك عند الطبيب يسرع أبو عجايب ويطرق باب منزله الخشبي بشدّة وهو ينادي ويصرخ حتى جاء الطبيب وفتح لهما الباب ، فأدخلها ووضعها على السرير ، حينها شعر أبو عجايب أنّها سكنَت فارتعش جسده خوفاً ، فجاء الطبيب ووضع أذنه ليفحص نبضها فإذا بها قد صمتت عن الحياة ، فجثى أبوها على ركبيته اللتين لم تستطيعا حمله ، ويا لوجع أمّها التي ارتمت عليها تقبّلها وتصيح من قلبها ودموعها أغرقت جسدها ، وهي تنشجُ وتقول :( يا ضي عيني يا ضي عيني ، رحمتك يا ربي ). 
 ويا وجع أبوها الذي عاد يحملها في صمتٍ أبدي ،  وصورتُها وهي تصعد لأعلى (تبانيات) التبن وتحاول خياطتها من الأعلى( وشلبكتها) حتى شلبكت يديها الصغيرتين بتلك الخيوط ، في تلك الليالي الحالكة لم تفارق مخيلته أبدًا .
whatsApp
مدينة عمان