قدم معالي وزير الداخلية سلامه حماد الدليل القاطع على أن الأسلحة المرخصة هي أسلحة آمنه، وأعلن أن نسبه الأسلحة غير المرخصة المستخدمة في تنفيذ الجرائم بلغت 92% .
بهذه الحقيقة الرقمية الساطعة نسف الوزير ذاته كل المبررات التي تساق ويجري الترويج لها لنزع السلاح المرخص من أيدي المواطنين من خلال مشروع تعديل قانوني قادم.
على أي حال يقف الأردنيون اليوم صفا واحدا كالبنيان المرصوص لمواجهة المشروع الجائر، وأعلنوا حالة التمرد والعصيان على الفكرة ما إن ظهرت إلى حيز الوجود، مقرونة بموجة من السخط الغضب والاستهجان ،ورافضين أي مساس بالوضع القائم لمقتنياتهم المشروعة ومعتبرين سلاحهم مال، وان الرخصة حق مكتسب بحكم القانون ،ومحذرين في الوقت ذاته من أن هذه الخطوة الخطرة من شانها إضعاف الثقة بالقوانين، وستؤدي الى الامتناع عن التقدم لترخيص أية مقتنيات تفرض القوانين ترخيصها .
ظهر المشروع المشوه قبل سنوات إلى حيز الوجود، لكنه آل إلى فشل ذريع بعد ان تم إسقاطه بجهد وإجماع شعبي نيابي مشترك ،وتحاول الحكومة الآن إعادة ترميمه وتقديمه بذات الصورة المشوهة الى البرلمان.
في السياق ذاته تتوارد الأسئلة تباعا حول جدوى المحاولة العبثية، ويقف على رأسها سؤال كبير عن كيفية تحقيق الهدف والغاية من المشروع المشبوه حتى لو تم نزع الاسلحه المرخصة كلها ما دامت لا تمثل سوى نسبة ضئيلة لا تذكر بالمقارنة مع غير المرخص منها قياسا علي النسبة المعلنة من قبل الوزير . ثم كيف عرفت الحكومة حجم الأسلحة غير المرخصة، وكيف أحصتها عددا وأعلنت عن وجود عشرة ملايين قطعة بحوزة المواطنين . وما هي الإجراءات والبرامج الإضافية المخبأة التي سيتم إتباعها والإعلان عنها لضبطها، خاصة في بؤر القبائل والمخيمات ومخابئ المجرمين والإرهابيين الغارقة بالسلاح.
وماذا ستفعل عندما يمتنع الكافة او الأغلبية عن الاستجابة لنص القانون فيما لو تم إقراره، ويتحولوا في لحظة الى مجرمين بحيازتهم أسلحة أصبح يحرمها القانون، وهل سيتم مداهمة منازلهم سواسية وبلا استثناء بمن فيهم الإشراف ورؤساء الوزراء والوزراء والأعيان والنواب والقادة العسكريين والأمنيين، ناهيك عن التجمعات والبؤر الساخنة ؟.
يضاف الى هذا وذاك أن الغاية لخفض عدد الجرائم لن تتحقق من خلال التعديلات إذا ما تم إقرارها، ذلك أن مجموع الجرائم المرتكبة بذلك النوع من الأسلحة المنوي انتزاعها ربما يصل إلى اقل ما الصفر مقارنه بالأدوات الجرمية الأخرى.
اقتناء السلاح، تراثي وكل المجتمعات كانت ولا تزال تسمح بترخيص السلاح ،والظاهرة كونية بلا شك، والوعي الجمعي الأردني غالبا ما يحبط الأفكار الأحادية غير العقلانية، ويدحض المبررات المشبوهة لزعزعة الاستقرار والسلم المجتمعي، خصوصا ونحن نعيش بوسط منطقة قلاقل ظلامية يصعب خلالها توقع ما سيحدث بعد غد من متغيرات تقلب الصديق الى عدو وتغير خريطة التحالفات بلمح البصر.
قانون الأسلحة الحالي جامع مانع ويفي بالغرض، ويجري تطبيقه بسهولة ويسر منذ عام م1952، والأسلحة المرخصة المنوي مصادرتها هي أسلحة آمنه لم تستخدم في الماضي ولا تستخدم الآن ولن تستخدم في المستقبل استخداما غير مشروع الى الحد الذي يستوجب التعديل.
علينا أن نتكلم الآن بلغة أمنية فصحى ، فلم تشهد المملكة وضعا امنيا مستقرا كالذي تشهده الآن . التفاف كامل حول القيادة الهاشمية ،وإجماع على سلامة الأمن الوطني ، والوقوعات الجرمية اعتيادية شأننا في ذلك شان كل الدول والمجتمعات ولم يحدث ما هو طارئ أو جديد يبرر محاولة هذا التغيير المفصلي الخطر .وبعيدا عن الشطط والتعنت فان الأسلحة المرخصة هي أسلحة دفاعية وضامن رئيسي للاستقرار، وهي أولا وأخيرا أسلحة وطنية مخبأة لعازات الزمان ، خاصة وان المنطقة تجتاحها ظاهرة تنامي ثقافة الإرهاب المتنقل.
*عميد متقاعد عمل مدير شرطة ومدير مراكز الإصلاح (السجون)ومدير إدارة المعلومات الجنائية وقائد إقليم أمني ومدير المدينه التدريبية للأمن العام