نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية: في
الوقت الذي تسعى به الحكومات والبعثات الأثرية الخارجية إلى إبراز الموروث
والشواهد التاريخية التي تمتاز بها المملكة، تقوم الجهات المختصة بطمر ذلك
الموروث ودفنه بحجة انه غير مهم كما حصل مع القطع الفخارية الأثرية مؤخرا
في جرش.
تخبط الردود والتبريرات لدى دائرة الآثار العامة عند
الاستفسار حول موضوع إتلاف الكسر الأثرية التي تعود للعهدين الأموي
والروماني وجمعها في جرافات ككومة حجارة لعمل تسوية وفرشية لصبة اسمنتية
لقبو معهد زويوس التاريخي داخل المدينة الأثرية في جرش.
و تحدث مصدر
مختص في دائرة الآثار قائلاً (ان من ارتكب هذه الجريمة لابد من محاسبته)،
مشيرا إلى ان من اتخذ هذا القرار شخص غير مختص بالاثار وليس مهندساً.
ولفت
إلى أنه لا بد من توضيح ان هذه القطع الفخارية جاءت فعلاً من مكب ناتج عن
عمل البعثات الأجنبية في داخل مدينة جرش، مبينا ان هذه البعثات تقوم بإخراج
هذه المنتجات من باطن الأرض ويتم توثيقها ودراستها وتؤخذ القطع المهمة
منها للدراسات والأبحاث ويتم ترك البقية في مكب داخل الموقع يكون مرئيا
للجميع.
ورأى ان من اقترح ان هذه الكسر غير مستخدمة وعليه يتم جرفها
واستخدامها كرصفة لارضية في قبو معهد زويوس شخص جاهل بالاثار، مؤكدا انه
من ناحية المنطق والعلم الأثري فان هذا التصرف خاطئ في الحقب الأثرية
وسينتج عنه عملية إرباك، لأن من سينقب مستقبلاً سيجد خليطا مكونا من عصور
مختلطة، وما حدث يعتبر اشكالية فنية غير مدروسة.
من جهة أخرى، قال
مدير عام دائرة الآثار بالوكالة المهندس يزيد عليان لـ الرأي، انه بسبب
اعمال الدراسات والتنقيبات المستمرة من قبل البعثات الأجنبية تشكلت مكبات
للفخار بجانب كل موقع يتم التنقيب فيه بحيث تحولت هذه المكبات إلى تلال
صغيرة من الكسر الفخارية التي هي عبارة عن كسر مكررة يكتفي الباحثون بعدها
بدراستها وأخذ الكسر المميزة منها فقط، بحيث لا تزيد نسبة الكسر التي يتم
الاحتفاظ بها على 15% من مجموع الكسر الفخارية التي يتم اكتشفها.
واكد
عليان، أن الاواني والفخاريات المكتملة او القابلة للترميم فيتم نقلها
فورا إلى المتاحف او مستودعات دائرة الاثار العامة بعد التوثيق والتسجيل
ولا يمكن التخلي عنها او اتلافها بعد ذلك.
وكشف عليان، انه على مدار
السنوات دار جدال بين علماء الآثار والمختصين حول كيفية التعامل مع هذا
الفائض من الكسر الفخارية غير المهمة والتي لا تشكل اي اهمية فنية او
علمية، حيث ذهب البعض لاعادة دفنها بالموقع الذي اكتشفت فيه والبعض أعاد
تدويرها بالمواد المستخدمة باعمال الترميم، بحيث يتم طحنها وادخالها
بالخلطات الكلسية اللازمة لترميم الجدران والارضيات الفسيفسائية وغيرها، في
حين يستخدمها البعض لتخشين الطبقات السفلى بملاط الجدران قبل وضع الطبقات
الناعمة الاخيرة على اسطح تلك الجدران.
واضاف عليان، لمّا كان سطح
القبو الخاص بمعبد زيوس يتعرض لتسريب المياه إلى داخل القبو بسبب طبقات
الاسمنت التي رصف بها السقف بنهايات القرن الماضي فقد وضعت دائرة الآثار
خطة لازالة طبقات الاسمنت واستبدالها بطبقات كلسية تمنع تسريب المياه.
ورأى
عليان، انه بجميع الاحوال فان اجتهاد فريق العمل في جرش باستخدامه للكسر
الفخارية الزائدة عن الحاجة لتقوية الطبقات ومنع التسريب هو اجتهاد لا
يخالف القانون، لكنه كان يحتاج إلى مزيد من التحري لنوعية الكسر الفخارية
التي تتراكم بمكبات الفخار حتى لا يحدث اي اشكال كما حدث في هذه الحالة.
وأكد
عليان، انه تم تشكيل لجنة فنية عاجلة قامت بالكشف على الموقع وعلى الكسر
الفخارية للتأكد من مدى سلامة الاجراء المتخذ، ونتج عن الزيارة والكشف وقف
العمل وإعادة الكسر إلى مكانها المخصص.