إن طموحي لبلدنا وشعبنا كبير لأن هذا ما تستحقونه، ولكي نحقق أهدافنا ونواصل بناءنا لوطننا فإن سيادة القانون هي الأساس الذي نرتكز إليه والجسر الذي يمكن أن ينقلنا إلى مستقبل أفضل، هذه الكلمات هي فحوى الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك التي نشرت يوم الاحد الموافق 16/10/2016، اي قبل ثلاث سنوات ونيف، فالورقة النقاشية الملكية رسمت منحنى واضحا لبناء الدولة المدنية هو الأساس في سيادة القانون، وبرغم ذلك ذلك هل اظهرنا تقدما ملموسا في هذا الاتجاه؟، وهل التشريعات والقوانين الناظمة لحياتنا وتطبيقاتها تسير في الاتجاه الصحيح وتبني الدولة الاردنية الحديثة مدماكا على مدماك لبلوغ الاهداف المنشودة؟.
الواقع الذي نعيشه منذ ثلاث وسنوات لا يدل على اننا على كافة المستويات نطبق ما ورد في الورقة النقاشية الملكية كما يجب، فالمتعارف عليه ان التراكم الكمي حتما يفضي يوما الى تغيير نوعي وهذا ما نحذر منه، خصوصا ان ظروفنا تسير بصورة صعبة اقتصاديا وسياسيا ومعيشيا، فالاوراق النقاشية التي تهدف الى الارتقاء بالدولة الاردنية الى مصاف الدول والشعوب المتقدمة لم يلمس المجتمع بكافة اطيافه تطبيقات لها نصا وروحا، فالإصلاح السياسي يعاني ترددا بين مد وجزر، فالاحزاب السياسية ربما بلغ عددها 50 حزبا سياسيا لا تؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واقتصاديا فقد تراجعت المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الاردني حيث لا تتجه نحو التعافي، فالنمو متدن والبطالة على ارتفاع هو الاعلى منذ ربع قرن اما الفقر فهو واسع النطاق إذ لم تفصح الحكومة بشكل رسمي حتى الآن عن نسب الفقر وسبل التعامل معه، وعلى الصعيد الاجتماعي فهو مؤلم ويعكس محصلة تراجع المؤشرات آنفة الذكر.
اليوم نقف امام تعديل وزاري نأمل ان يكون نوعيا ومختلفا عن المرات السابقة، فالمرحلة تتطلب نمطا مختلفا من الوزراء والمسؤولين، ويرتبط ذلك ببرامج حقيقية يتم مراجعتها وفق فترات زمنية للتأكد من سلامة تنفيذها بما يعود بالنفع على جميع الاطراف والمجتمع والاقتصاد الوطني.
حزمة قرارات تحفيز الاقتصاد الاخيرة التي اطلقها رئيس الوزراء تفتقر لآليات تنفيذ وادخلت المتضررين في متاهات خصوصا الحجز التحفظي والتنفيذي الذي يعرقل عودة النشاطات والاستثمارية، فالحكمة تستدعي تنسيقا وفق انسجام بين السلطتين التنفيذية والقضائية لإلغاء الحجوزات الشاملة وقصرها وفق القوانين وحزمة القرارات التي اعلن عنها، وتفعيل قانون الإعسار المعطل عمليا، فالمطلوب إجراء تعديلات على القانون ومنحها صفة الاستعجال بما يسمح بتحريك المياه الراكدة والسماح للمستثمرين المعسرين لتجاوز ظروف صعبة عابرة للحكومات، وفي نفس الاتجاه لابد من تحرك البنك المركزي على البنوك المرخصة لتخفيض هياكل اسعار الفائدة على القروض والتسهيلات تنفيذا لثلاثة قرارات للبنك المركزي هذا العام تم بموجبها تخفيض الفائدة على ادوات الدينار الرئيسية، ولم تنعكس على المقترضين على كافة المستويات..الاردن قادر على الافلات من التباطؤ وتحسين دورات الاقتصاد الوطني.