نيروز الاخبارية : - كتب الخبير العسكري في الشؤون الإستراتيجية اللواء المتقاعد، والمحافظ الأسبق صالح النصرات يخبئ عام 2020 الكثير من الأحداث والمستجدات الدولية والإقليمية والتي سيكون لها تأثير كبير على مسار العلاقات الدولية، بالاضافة إلى تأثيراتها وإنعكاساتها السياسية والإقتصادية والأمنية على الدول العربية بشكل عام وعلى الأردن بشكل خاص.
يأتي في مقدمة هذه الأحداث الانتخابات الأمريكية ومصير السياسة الترامبية الداعمة لأحلام نتنياهو التوسعية, يليها الحدث الذي لا يقل أهمية، وهو إنفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وما يينتج عنه من ضغوطات في مختلف المجالات سياسيا واقتصاديا، وستتاثر فيه منطقة الشرق الأوسط بالتحديد لما لبريطانيا من تبعات تاريخ وبصمات وهندسة تقسيم إستعمارية موسعة فيها.
من أبرز المستجدات الأخرى على الصعيد العالمي والدولي والإقليمي يأتي ما يلي:
1- إزدياد التنعت الإسرائيلي وعرقلة عملية السلام، بل محاولة الإفلات من بعض بنودها إن لم يكن منها كاملة
2- إحتمالية كبيرة بتشكل أزمة اقتصادية عالمية، بدأت بوادرها منذ ٢٠١٨، وبؤرتها الولايات المتحدة مرة أخرى،
3- خروج حركة حماس من الحضن العربي
4- توسع التدخل التركي في بعض الدول العربية
5- توسع التدخل الإيراني في المزيد من الدول العربية
6- إحتمالية التصادم الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين
7- إحتمالات كبيرة لتصاعد الحركات والاضطرابات في بعض دول الاقليم
8- محليا، فالإنتخابات البرلمانية ستجرى هذا العام، ولم تحدد بعد آليتها وطريقة الإنتخاب، وماذا ستضيف للمشهد الأردني؟
9. احتمال كبير لحدوث صراع بين الدول العظمى على مخزون الغاز العربي الهائل، والمتواجد على سواحل البحر الأبيض المتوسط من طرطوس شمالا وحتى غزه جنوبًا،
هذه الاحداث المجتمعة سيكون لها انعكاساتها واثارها على مسار العلاقات الدولية لسنوات عديدة، ومن هذه الاثار:
١ . عقد تحالفات وصفقات سياسية واقتصادية وأمنية دولية، ومن المحتمل أن تكون الدول العربية هي الخاسر الأوحد، وكذلك ومن المحتمل حدوث إختلال وتحول في أدوار الدول.
٢. اضطراب العلاقة بين الدول ومواطنيها, وازدياد الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول
٣ . خلل في سياسة التوزيع العادل والمساواه بين ابناء المجتمع مما يؤدي إلى صراعات طبقية قد تكون دموية أحيانا،
٤. سيطرة رجال الاعمال واصحاب رؤوس الاموال الاثرياء على الاقتصاديات الوطنية
٥. تراجع في قيم الانتماء الوطني للشعوب،
٦. تفريغ الديمقراطية من مضمونها الرئيسي وقيمها وثوابتها، وقد تثمر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في بث المعلومات الخاطئة والاخبار الكاذبة لتثير الرأي العام الشعبي
٧. اغفال واضح عن تلبية احتياجات المواطنين الاقتصادية مما يساهم في اتساع الفجوة بين المواطن والدول
٨. احتماليه كبيره لتحول بعض الدول الى دول هشة او فاشلة مما يساعد على ظهور الارهابيين والميليشيات التي تسيطر على اراضي واسعة
٩. احتماليه كبيره لظهور ما يسمى بحرب المطارات والموانىء والسكك الحديدية العابرة للقارات والدول وما يرافقها من صفقات سياسية واقتصادية فاشلة تطغى على معضمها شبهات الفساد
١٠ . زيادة التدخل الاقتصادي والثقافي للهيئات والمنظمات الدولية في الحياة العامة للشعوب وإغفال وتجاهل دور الدولة، مما يشكل ولاءات خارجية تفقد الدول جزء كبير من سيادتها.
الاردن والذي يتميز بموقعه الجيوإستراتيجي الذي يربط بين دول الشرق والغرب والشمال والجنوب، ويتوسط منطقة ملتهبة من الصراع السياسي والعسكري في الشمال والشرق ومن الغرب, ارهق كثيرًا على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري جراء تعثر عملية السلام وجهود حل الدولتين، وتعرضه خلال تاريخه الى هجرات قسرية عديدة سواء من الشرق او الغرب، مما شكل زيادة مضطربة وخلل في المعادلة الديموغرافية، وما شكلته الزيادة السكانية من ضغوطات على الاقتصاد الوطني والتعليم والصحة والبنية التحتية بشكل عام,
ويعاني الاردن تبعا لما سبق مديونية كبيرة جدا تقارب 40 مليار دولار مع زيادة كبيرة في نسبة الفقر و البطالة بين الذكور والاناث، وايضا زيادة نسبة الضرائب مما يساهم في تعثر واضح في القطاعين التجاري والاستثماري.
يمتلك الاردن موارد وطنية كبيرة جدا اذا استغلت استغلال امثل, وكذلك يمتلك عقول ورجالات وطنية يمكن الاستفادة منها في ادارة البلاد في هذه المرحلة للتخفيف من انعكاسات الاحداث والمستجدات العالمية والدولية,
ومن هنا لابد من الانتباه والاستعداد التام لتجنب الاثار السلبية لهذه الاحداث، وتحويل اي ازمة تمر بها البلاد الى فرصة تستفيد منها اقتصاديا وسياسيا وفي كافة المجالات, وحتى نتمكن من ذلك فلابد من تمكين رؤى أصحاب الفكر والمراكز البحثية والإستشرافية، بجانب تجويد دوائر صنع القرار الوطني الاردني الثلاث (مجلس النواب, مجلس الاعيان, والحكومة) مع التركيز على الاستفادة القصوى من الرصيد الوطني لحكمة الكبار، الممزوجة مع حماس الشباب، والتركيز على النزاهة الانتخابية ومحاربة المال السياسي والتدخل في الانتخابات، للوصول الى مجلس نواب يحمل رغبة وهموم وطموحات الشعب الاردني، حيث أن المجالس النيابية هي الضابط الاساسي ونقطة التوازن في العلاقة بين الحكومة والشعب، والعمل على التوافق الشعبي والانسجام في سياسيات الدولة مع المواطن، مع الانتباه والحرص على سياسة التوزيع العادل للبنى التحتية والخدمات والمشاريع التنموية، مما يساهم في تعظيم وتعزيز اللحمة الوطنية ليكون ابناء الوطن بكافة مكوناته الرسمية وغير الرسمية والشعبية والمجتمعية عاملا أساسيا في التصدي لاي من اثار وانعكاسات هذه الاحداث والمستجدات العالمية و الاقليمية لعام 2020.