ألتقيّته غير مرّة في جامعة الحسين بن طلال يوم أن كان مديراً للضمان الإجتماعي ، وسألته عن راتبه في حين أن معظم الحضور يحملون درجة الأستاذيّة وأستاذ مشارك ودكتور ورواتبهم لا تصل إلى الألفي دينار ؟
فأجابني بلباقة وأدب جمّ ، اسأل المُشرّع ؟.
حين يكون المسؤول صادقاً فإنه يُحترم ، وعلينا احترامه وأن نعامله بما يليق به من إحترام ؛ ولعمري هو كذلك .
من خلال متابعتي الصامتة لما يقوم به دولته من برامج نهضويّة وإقتصاديّة وفكريّة بهدف الوصول بالمملكة إلى برّ الأمان في ظل ما يُحاط بنا من أخطار ، وأكاد أجزمُ بأن هذا الرجل لو أُطلقَ له العنان ، وفُكَّ القيدُ عن معصمه ؛ سيخرجُ بقرارات تسرُّ الناس وتُبهجُ خواطرهم .
من كان على درجةٍ من العلمِ وذو إرث خُلْقي لا تخشاه ولا تخاف منه ؛ لكننا نستقوي على من لا عشيرة له ؛ ونتفاخر بالفاسدين من ابناء الأصول والعشائر ، ونخشى أن نذكرهم بسوء أو نلمزهم ونهمزهم بما فيهم من عيوب خوفاً من عشائرهم وأصولهم الضاربة الجذور .
جاء دولته بعددٍ من الحُزم وفي جِعبته الكثير ، ولسان حاله ، يقول : إنّ الأردنيين يستحقون الكثير ؛ لكنه قالها على إستحياء ؛ لأنه يعلمُ بأنَّ اليد القصيرة تحولُ بينها وبين ما تتمناه قلّة الحيلة ، لا سيما أننا في بلدٍ أُنهكتْ مُقدراته ، وخرّتْ قِواه ؛ فقد أتوا بعض من كانوا قبله على ما تبقىّ من مؤسساته وخيراته ؛ التي بِيعتْ بثمن بخس ولا نعلمُ كشعب أين ذهبت تلك الأموال ؟ بيدَ أننا نُدركُ بأن العمارة في البناء الخارب المُتهالك يحتاج إلى إعادة تقويم أساساته على قاعدة قويّة متينة وهذا ما يحتاجه الرزّاز .
ماذا علينا كأردنيين لو قمنا بدعوة أهل العلم والسياسة والإقتصاد وعلم الإجتماع ورجال الدين والإعلام وشيوخ العشائر ممن هم أهلٌ لثقة الشعب في المحافظات والبوادي والمخيمات والإلتقاء بدولة الرئيس وطاقمه الوزاري ؛ الذي كما علمت بأن مكتبه مشرّعٌ مفتوح وتُناقش كافة القضايا التي تهمُّ الوطن والمواطن على طاولة الحوار ؛ لا سيما وأننا نقف على مُفترق طرق وأمامنا جميعاً تحديّات صعبة والأخطار المُحدقة بالوطن كثيرة ، ورأس الدولة جلالة الملك يتعرّض لضغوط دوليّة على الأردن ، خاصةً بعد أن رفض جلالته صفقة القرن وأعلنها صراحة على الملأ ، ناهيكم عن الوضع المُتردي في الداخل وما نعانيه من جوع وفقر وبطالة وانتشار آفة المخدرات بالإضافة للفساد والإفساد .
مدّوا أيديكم لدولته واجلسو معه وحاوروه ؛ فالرجلُ ليس صعباً ولا مُعقداً ولا جهويّا وليس إقليميّاً ؛ فهو من خيرة الخيرة ويمتلك الرؤى البعيدة وصاحب علمٍ وفِكر ولديه الدِراية الكاملة بباطن الأمور وظاهرها ؛ وقد تبنّى تطبيق رؤى ما جاءت به الأوراق النقاشيّة التي إختطّها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ، وأطلق للشباب الإستراتيجيّات التي تدفعهم إلى الإبداع في عديد المجالات وتحفيز موظفي القطاع العام من خلال تكريمهم ، وعمل على أتمتة الوزارات والمؤسسات الحكوميّة ودمج بعضها ، واستحدث وزارة للإقتصاد الرقمي والريادة ؛ كي تكون المملكة في ركب الحضارة والتقدم ، ومواكبة تكنولوجيا العصر .
كونو له ولا تكونوا عليه وانظروا ماذا هو فاعل ؟ فإن كان أهلاً لطموحاتكم فانصروه ، ولا تخذلوه ، ولا تُعزّروه ؛ وإن كان غير ذلك فاعتزلوه ؛ لكنكم لن تستطيعوا أنْ تعزلوه إنْ لم يكن الشعب خلفكم .
هذه وِجهة نظرٍ متواضعة ، مُؤكداً لكم بأن لا حاجة لي عند دولته ، ولم ألتقيه منذ أن أصبح رئيساً للوزراء ، ولم يجعل لي جُعْلاً .
كفوّ ألسنتكم وأقلامكم عن جلده ، وجلد غيره ممن يحملون حُبُّ الوطن في قلوبهم ، وتفائلوا بالقادم من الأيام ؛ فالخيرُ آتٍ .