بقلم مدير التوجيه المعنوي الأسبق العميد المتقاعد ممدوح سليمان العامري
الأزمة هي نقطة تحول في موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة ما يهدّد المصالح والبنية الأساسية وينتج عنها أوضاع غير مرغوب بها، كل ذلك قد يجري في وقت قصير يلزم معه اتخاذ قرارات محددة للمواجهة تكون فيها الأطراف المعنية غير مستعدة أو قادرة على المواجهة، وتظهر الأزمة عندما تخرج المشكلات عن نطاق السيطرة، وتتلاقى الأحداث، وتتشابك الأسباب بالنتائج ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة على المؤسسة وعلى اتجاهاتها المستقبلية.
إحدى وظائف الإعلام في الظروف غير الاعتيادية أو الاستثنائية هي المساعدة في الحيلولة دون حدوث أزمات والتغلب عليها في حال حدوثها وهذا ما يسمى بـ إدارة الأزمات إعلاميا، ولا يعدّ حدوث الأزمات شيئاً جديداً في حد ذاته، سواء أكان ذلك على مستوى الفرد أم على مستوى مؤسسة ما أم على مستوى الدولة ككل وأحيانًا على مستوى العالم كما في حالات الأوبئة والحروب وغيرها، ولكن الشيء الجديد هو أن الباحثين بدؤوا يولون هذه القضية الاهتمام اللازم، لأنهم شعروا أنه بإمكانهم فعل شيء حيال الأزمات وتحليلها، كما أن علم إدارة الأزمات، بدأ يظهر نتيجة لأن التطور العلمي والتكنولوجي قدم وسائل وأدوات حديثة ومتطورة للتعامل مع الأزمات وإدارتها وصولًا إلى ايجاد حلول مناسبة.
تعتبر وسائل الاعلام المختلفة التقليدية والحديثة من أهم الطرق والأساليب لنشر الوعي والثقافة وتنمية المدارك كما ان للإعلام دورا كبيرا في إيصال الخبر والمعلومة بهدف زيادة الوعي والمعرفة بهدف توعية وتنمية وتثقيف وإقناع الجماهير باختلاف ثقافاتهم ودرجة وعيهم وأماكن تواجدهم من خلال رؤية تدور حول معنى محدد يعمل على تزويد الجماهير بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة.
وللإعلام دور مهم وبارز في التخفيف من حدة الأزمات والكوارث من خلال تزويد الجماهير بالحقائق وبسرعة للحد من انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة حول الأزمة، فالحقائق الواضحة تعمل على تنوير أفراد المجتمع وكسب ثقتهم ومساعدتهم على تكوين رأي عام صحيح عن طريق الإقناع بالمعلومات والحقائق القائمة على الدقة والوضوح والمصداقية.
ونظرا لان الأزمات والكوارث لها طابع خاص يتسم بالسرعة في التغير والتحول يستدعي أن يبدأ التخطيط الإعلامي للازمة في المراحل المبكرة مهما جدا فالوقت عامل مهم جدا وحاسم في مواجهة الأزمات لذلك يجب أن يستثمر استثمارا جيدا، وهو يمثل أحد العوامل المهمة في نجاح الجهود المبذولة لمواجهة الأزمات والكوارث. وهذا يتطلب الاستفادة من عامل الزمن عند بذل الجهود الإعلامية قبل وخلال وبعد مواجهة أي أزمة وذلك بغرض توجيه الجماهير عن طريق وسائل الإعلام وحثها على التعاون وتقديم يد العون لفريق إدارة الأزمة والمشاركة في عمليات الإنقاذ والإسعاف والإخلاء معتمدين في ذلك على الخبرة المستمدة من التجارب السابقة والملائمة للتعامل مع الأزمات والكوارث وذلك بالحد من أثارها السلبية والعمل على احتوائها قبل استفحالها وتقليل نسبة الخسائر الناتجة عنها، ووضع الإمكانات الضرورية لمواجهتها بحيث لم يعد مجديا أن تترك الأمور لأسلوب التجربة والخطأ أو الارتجال.
وختاما أقول ان عملية الاعلام والاتصال في ظروف الأزمة، ترتبط بالتقدير الدقيق للمخاطرة، وفائدة الإعلان عن الخبر، وترتبط فاعلية الخبر أيضاً بالدرجة التي تؤخذ فيها النصيحة المقدمة من المهنيين الكبار، ورجال الإعلام الخبراء. إن التحدي الذي تفرضه الأزمات يتطلب طريقة فردية واهتماماً بخصائص المشكلة المتأزمة في هذه الحالة. ولا أحد يستطيع تقديم الضمانات حول الأفعال التي ستساعد على الخروج السريع من الأزمة، ولكن هناك شيئاً واحداً لا شك فيه ألا وهو أن مهنية رجال الإعلام وخبرتهم تُخْتَبَرُ بالقَدْر الذي يستطيعون فيه إخراج المؤسسة من الأزمة، وكأنهم مرشدون بحريَّون يتجنبون المكان الضحل.