لا تقولوا لي ان هناك أجمل من هذا الوطن، لا والذي بسط الأرض ورفع السماء، وشامةُ جمالهِ ان على هذه الجنبات والنجود تقف طوابير الجنود نسوراً وصقوراً وضياغم، عساكرٌ تعصفُ كالصّبا اللعوب وتسطّر بالأحمر القاني سِفر المجد في فيافي عمان القلب، وساحات اربد الشماء، وظلال أشجار عجلون، ورمال المفرق.. وعلى امتداد جبال الكرك الشمّاء وتحت شمس معان، وعلى حدود كل الوطن المضمّخ برائحة العشب الأخضر الغضّ .. وعطر الشيح والزعتر.
أسودٌ كَلّةَ الظَّفْر ليّنات المَجَسّ.. تمشي على الشوك وتصبر على النار لكنها لا تعرف الفرار.. من قال غير ان اكرم الوالدات من تلدُ الجُندَ.. وأغلى الأبناء فينا الجنودُ.. وأعزّ البيوت من كان فيها.. ومن بينها مجاهدٌ او شهيدُ.
جحافل ترفع راية الله في الأرض فتنقذ سفنَ المارّين عبر الزمن، وتلملم شعثَ العابرينَ من خلال الحدود والسدود، تُهدي الترانيم والقصائد والورود .. وهي الواقفة على حدّ السيف ورأس الرمح، تفرُّ من قدر الله الى قدر الله في وطن تبكي عليه ولا تبكي منه، ثم تحميه بالوجود والزنود والبارود والأوردة والشرايين حتى يزهر في اعمارها الدحنون.
سيّّجْتُهُ بالعيون السود والهُدُبِ .. هذا اخي في سراياهُ وذاك أبي .. الصادقون اذا قالوا وإن فعلوا.. والواثقون بنصر الله والغَلَبِ.. لو كان كل جزاءٍ مثل فعلتهِ.. لما كفى جيشنا كونٌ من الشّهُبِ.
ايتها الزنود السمر التي ما غادرت قلبي قيد أُنملة، أحسدكِ على لفح الشمس وأحسد بدلة الفوتيك والعلم والشعار والبوريه وقارمة الأسم والنطاق.. والعرق المتصبّب من أطراف الكاب.. وهذا الوجه الأسمر الذي هو من أرض بلادي .. وسماها ..لوّحتْه شمسُها فاشتدّ.. وامتدّ ضياها ..
فعلى جبهتها منزلهُ.. وعلى جبهتهِ منزلها.. وهو في بال البطولات ومنها ولها ..وعلى هامتهِ الحرة يختال لواها ..
وحين يسهر القمر على عيون النشامى فالعين ان نامت لا ينام القلب، والفراش هو الأرض والوسادة بندقية.. والعسكر هم الغرّ الميامين.. وعلى جناحينِ من فُصحى ومن دينٍ أقمتَ مجدَك يا جند الميامينِ.. فبارك الله في روحٍ تنام على (إقرا) وتصحو على أنفاسِ (ياسينِ)..
بكِ يا دار النشامى نتباهى .. يا تراباً قد زرعناه عيوناً وشفاها ..وملأناه قلوباً وجباها .. قدر الأحرار ان يُعطوا.. فيا دار الرجالِ ..اطلبي ما شئتِ منا لا تبالي.. فالنشامى ابد الدهر يظلون رجالا ....