كسرت المواجهة المحتدمة مع فيروس كورونا حواجز بين الشباب الكويتي وبعض المهن، التي لم يكن يتخيل البعض أن يعمل المواطنون بها، ناهيك عن اتقانها والابداع فيها. فها هم قد خاضوا غمار توصيل الطلبات متطوعين، وبعضهم يمارس أعمال المحاسبة (كاشير)، في «فتح توظيفي» جديد، إذ إن مجالات العمل هذه لم تشهد من قبل إقبالا من المواطنين، بل كانت حكرا على غيرهم.
ولم يكن عمل المتطوعين الكويتيين في مهمات توصيل الطلبات أمرا سهلا، فقد كسروا عادات وثقافات سائدة، الأمر الذي يؤكد قدرتهم على خوض غمار أي عمل شريطة وجود دعم من الجهات الحكومية ذات العلاقة لتوفير قاعدة ينطلقون منها. وتعمل مجموعات من المتطوعين منذ بداية أزمة كورونا في أعمال التنظيف والتنظيم والمحاسبة بالقطاع التعاوني، وتمتد فترات دوامهم إلى 12 ساعة يوميا، إضافة إلى عمل غيرهم في الصفوف الأمامية بالمحاجر ومراكز الإيواء وغيرها.القبس حاورت متطوعين ومتطوعات في العمل التعاوني لمعرفة ما إذا كانت أزمة كورونا فرصة لكسر الحواجز الاجتماعية، في سبيل إحلال المواطنين محل المقيمين في هذه الوظائف بعد الأزمة، أم أن ذلك العمل مقرون بالأزمة ينتهي بانتهائها. يؤكد أبوبكر بابطاط المواطن الذي يحمل شهادة هندسية والمتطوع في جمعية اشبيلية أن العمل الذي يقوم به المتطوعون حاليا «من الممكن أن يقوموا به كعمل رسمي»، واصفا إياه بأنه «جميل يخدم الناس والمجتمع».
ويلفت أبوبكر إلى أن «مقولة الشغل عيب أصبحت قديمة، حيث تتبين وقت الازمات المعادن، سواء للمواطنين أو المقيمين، وأن الجميع يد واحدة ولا فرق بينهم بطبيعة العمل ما دام الأمر مقدما للكويت». ويشير إلى أن «جميع المتطوعين في الجمعية قاموا بجهود كبيرة منذ بداية الأزمة وحتى الآن بدءا من تنظيف الجمعية وتعقيمها وأعمال المحاسبة ووزن الاطعمة».
وعلى الطريقة ذاتها في تناول الامر، تقول أم سارة وهي متطوعة في جمعية الخالدية إن ما تقوم به «إذا تحول إلى وظيفة فسيكون ممتعا»، مؤكدة عدم أهمية «ان يكون ذلك عيبا من وجهة نظر البعض في المجتمع». وتطوعت أم سارة في الجمعية «خدمة للكويت وحبا فيها»، مؤكدة أن «اختيار الجمعية أو غيرها من المجالات التطوعية لا مشكلة فيه، فالأهم المساعدة التي يتم تقديمها».
ويؤكد خالد البخيّت المتطوع في جمعية مشرف أن «معظم المتطوعين إن لم يكن جميعهم لديهم الاستعداد للعمل»، معربا عن اعتقاده بـ«تقبلهم جميعا للقيام بهذا العمل كوظيفة ما دام هناك شاغر مناسب لهم وله مردود مادي مناسب».
وذكر ان «تجربة التطوع في جمعية مشرف وتوصيل الطلبات خلال الأزمة يتيحان الاحتكاك بالمواطنين ونفسياتهم الجميلة وتقبلهم للشباب الكويتي المتطوع لخدمة الكويت وخدمة المقيمين والمجتمع»، قائلا «إننا نحب الموضوع ولا احراج في ذلك والأمر متقبل، لا سيما أن النفسيات التي نواجهها جميلة ومريحة». وينبه البخيت إلى ان «التطوع ليس لسد الفراغ بل يجب أن يكون خلال الأزمة أو في غير وجودها»، فقد «كشف الوضع الحالي اهمية التطوع والعمل الجاد لخدمة الوطن».